ونظرائهم من المعوزين والفقراء ، وحينما وقعت أعينهم على هذا المشهد قالوا بغرور وتكبر : (لو نحيت عن هؤلاء روائح صنانهم ... جلسنا نحن إليك وأخذنا عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك إلّاهؤلاء).
وهنا نزلت الآية الكريمة : (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِىّ). (الكهف / ٢٨)
وأُمرَ النبي صلىاللهعليهوآله بأنّ يكون دوماً مع هذه الزمرة الحفاة من أصحاب القلوب الطاهرة ، وأن لا يمد عينيه إلى الأُبَّهة الظاهرية للأثرياء الأنانيين (١).
وفي الآية التي بعدها تَردُ كلمات حادة وموجعة على ما يطلبه المستكبرون فتقول : (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شَآءَ فَليُؤمِنْ وَمَنْ شَآءَ فَليَكفُرْ انَّا أَعْتَدنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً احَاطَ بِهِم سُرَادِقُها). (الكهف / ٢٩)
وهذا البيان الصريح والقاطع يثبت بشكل جيد أنّ الإسلام عن أي طبقة يدافع؟ وما هي الطبقات التي تحتل الصفوف المتقدمة فيه؟
ويعتبر القرآن الكريم التفاف الأفراد المؤمنين المخلصين والأبرار حول النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بأنّه واحد من شواهد حقانيته صلىاللهعليهوآله إذ يقول : (افَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنهُ). (هود / ١٧)
ولكنّ أكثر المفسرين يعتقدون بأنّ (البينة) هي نفس القرآن والمعجزات ، وأنّ المقصود بـ (الشاهد) هم الاتباع المضحون المؤمنون المخلصون أنفسهم.
ومن البديهي أنَّ إيمان شخصٍ كعلي عليهالسلام بما يتصف به من المميزات العلمية والمعنوية والأخلاقية التي اتضحت في (نهج البلاغة) يمكن أن يكون شاهداً ناطقاً على حقانية النبي صلىاللهعليهوآله.
* * *
__________________
(١) نقل هذه القصة الكثير من المفسرين والمؤرخين بعبارات مختلفة ، تفسير مجمع البيان والقرطبي في ذيل الآية ٢٨ من سورة الكهف.