ولكنهم للأسف عندما ظهر هذا النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله نهضوا لمخالفته ، لأنّهم لم يروه ملبياً لميولهم وأهدافهم غير المشروعة.
وهذه كلها تدلل على أنّ مسألة ظهور نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله جاءت واضحة في كتبهم إلى حدٍ ما.
النقطة الجديرة بالتأمل أن عبارة «مصدقٌ لما معهم» أو مايشابهها من تعبير وردت في القرآن الكريم أكثر من عشر مرات ، وليس مفهومها أنّ النبي صلىاللهعليهوآله يؤيد كتبهم السماوية مع ما حدث فيها من تحريف) ، بل المقصود أنّ أوصاف النبي صلىاللهعليهوآله موافقة ومتطابقة مع العلامات والإشارات التي في أيديهم ، وبتعبير آخر أنّ للنبي صلىاللهعليهوآله وكتابه السماوي نفس الأوصاف التي كانوا يعرفونها من قبل بالضبط وكان في الحقيقة تصديقاً لكتبهم السماوية من ناحية تطابقها تماماً مع صفاته صلىاللهعليهوآله.
وبهذا الترتيب تعتبر كل الآيات التي جاء فيها هذا التعبير في زمرة الآيات التي نحن بصددها في هذا البحث.
* * *
وختاماً فإنّ الآية الأخيرة ـ التي تخاطب اليهود حول الموضوع ـ ضمن تأكيدها على وجوب الإيمان بالكتاب السماوي للنبي صلىاللهعليهوآله الذي يتطابق ومالديهم من علامات ، تقول : (وآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَّا مَعَكُم وَلَاتَكُونُوا اوَّلَ كَافِرٍ بِهِ).
أي أنّ عبدة الأوثان من العرب إذا كفروا به فلا عجبَ في ذلك ، بل العجب كل العجب هو أن تنكروه أنتم وتكفروا به ، لأنّ المتوقع منكم أن تكونوا أولّ المؤمنين به ، وإلّا ألستم الذين هجرتم مدنكم ودياركم وجئتم إلى المدينة شوقاً للقائه أوَ لَم تعدوا الأيّام والليالي انتظاراً لظهوره؟ ... إذن لِمَ تنعكس القضية وتكونون أنتم أوّل الكافرين به؟!
__________________
ـ المفسرين مثل الفخر الرازي اعطوا احتمالات متعددة لعبارة (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) ولكن أغلبها ترجع إلى نفس المعنى الذي ذكر أعلاه.