النبي العظيم ، ولكن قبل ظهوره كانت توجد يقيناً مسائل كثيرة طمست في ظلمات الكتمان على أثر عدم انسجامها مع التعصبات العمياء الصماء أو متطلبات مصالح زعمائهم.
وحول (بشارات العهدين) كتبت مؤلفات متعددة ، أو خصصت لها أقسام من بعض الكتب ، لا يسعنا ذكرها في هذه العجالة ، ونكتفي ببعض النماذج البارزة :
تمّ التأكيد في ثلاثة موارد من «انجيل يوحنا» على لفظة (فارقليط) أو (فارقليطا) والتي تعني في العربية بـ (المُعزّي).
ونقرأ في مورد منها : «وسأطلب من الأب أن يعطيكم معزياً آخر (فارقليطا) ، يبقى معكم الى الأبد» (١).
وجاء في مورد آخر : «ومتى جاء المعزي الذي أرسله إليكم الأب ، روح الحق المنبثق من الأب ، فهو يشهد لي» (٢).
وفي الباب التالي له : «صدقوني ، من الخير لكم أن أذهب ، فإنْ كنت لا أذهب لا يجييئكم المعزي أما إذا ذهبت فارسله إليكم» (٣).
ممّا يجلب الانتباه أنّ الفخر الرازي ينقل في الجزء (٢٩) من تفسيره صفحة (٣١٣) عن الأناجيل الموجودة في عصره (انجيل يوحنا ـ الباب ١٤) : (وأنا أطلب لكم إلى أبي حتى يمنحكم ويؤتيكم الفارقليط حتى يكون معكم إلى الأبد). وهذا عين ماذكرناه أعلاه ولكن بالتصريح بلفظة (فارقليط) ، ويذكر نفس المعنى بالتصريح بلفظة (فارقليط) أيضاً في الباب ١٥ و ١٦ منه.
إنّ (فارقليط) التي تلفظ باللغة اليونانية (بريكلتوس) أو (براقليتوس) فسرها الكثير من المسيحيين بمعنى (المُعَزّي) أو (روح القدس) ، ولكن جمعاً منهم ذكر أنّ معناها (كثير الحمد) وهو مايتطابق تماماً مع اسم أحمد ومع الآية التي تقول : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ احْمَدُ). (الصف / ٦)
__________________
(١) انجيل يوحنا ، الباب ١٤ ، الجملة ١٦.
(٢) المصدر السابق ، الباب ١٥ ، الجملة ٢٦.
(٣) المصدر السابق ، الباب ١٦ ، الجملة ٧.