قلت : انتخبت ما اختاره فلان مُفسِّر.
فقال القس : ما قصّرت ولكن الحق والواقع يخالف كل هذه الأقوال ، لأنّ الحقيقة لايعلمها (إلّا الراسخون في العلم) وقليل من هؤلاء أيضاً من يعرفها ، فألححت عليه أن يقول لي معناها ، فبكى بشدّة وقال : إنني لا أبخل عليك بأي شيء ... إن في تعلم معنى الاسم أثراً عظيماً ولكن بمجرّد شيوعه سيقتلوننا أنا وأنت وإذا عاهدتني بأنّ لا تقول لأحد سأبيّن لك المعنى ... فأقسمت له بكل المقدّسات أن لا أبوح باسمه ، عندئذ قال : إنّ هذا الاسم هو من أسماء (نبي المسلمين) ومعناه (أحمد) و (محمد) :
ثم أعطاني مفتاح تلك الغرفة الصغيرة وقال : افتح باب الصندوق الفلاني. وآتني بكذا وكذا كتاب ، فجلبت الكتابين له وكانا مكتوبين بالخط اليوناني والسرياني قبل ظهور نبي الإسلام ، على الجلد.
وقد ترجم لفظ (فارقليطا) في كلا الكتابين بمعنى (أحمد) و (محمد) ، ثم اضاف الاستاذ قائلاً : لم يكن عند علماء النصارى أي اختلاف قبل ظهور نبي الإسلام بأنّ (فارقليطا) تعني (أحمد ومحمد) ولكن بعد أن ظهر محمد أوَّلوا اللفظة واخترعوا لها معنىً آخر من أجل الابقاء على رئاستهم ومنافعهم المادية ، وقطعاً أنّ هذا المعنى لم يقصده صاحب الانجيل.
فسألته : ما تقول عن (دين النصارى)؟ قال : نسخَ بمجيء الدين الإسلامي وكرر هذا اللفظ ثلاث مرات ، فقلت : في هذا الزمان ما هو طريق النجاة والصراط المستقيم ...؟ قال : أنّه منحصر في اتّباع محمد صلىاللهعليهوآله.
قلت : وهل أنّ تابعيه من أهل النجاة؟ قال : أي والله (كررها ثلاثا) ...
ثم بكى الاستاذ وبكيت أنا أيضاً ، وقال : إذا كنت تريد الآخرة والنجاة فيجب أن تقبل دين الحق ... وسوف أدعو لك دائماً ، بشرط أن تشهد لي يوم القيامة بأنني كنت مسلماً في الباطن ومن أتباع حضرة محمد صلىاللهعليهوآله ... وليس من شك اليوم أنّ «دين الإسلام» هو دين الله على وجه الأرض ...» (١).
__________________
(١) اقتباس مع قليل من الاختصار عن (الهداية الثانية) مقدمة كتاب أنيس الاعلام.