وكما تلاحظون فإنّ علماء أهل الكتاب ـ وفق هذا السند ـ فسروا وبرروا اسم وعلامات النبي صلىاللهعليهوآله بعد ظهوره بشكل آخر من أجل مصالحهم الشخصية.
سؤال :
يطرح هنا سؤال وهو : إنّ الاسم المعروف للنبي صلىاللهعليهوآله (محمد) في حين سمي في الآية ٦ من سورة «الصف» باسم (أحمد) ، وهاتان المفردتان وإن لم تختلفا كثيراً في دلالتهما على معنى ومفهوم (محمود) ولكنهما في الظاهر اسمان مختلفان. وبناءً على ذلك إذا كانت (فارقليطا) تعني (محمود) ، فإنّها تنسجم مع كليهما ، ولكن تعبير القرآن بـ (أحمد) لاينسجم مع الاسم المعروف للنبي صلىاللهعليهوآله.
الجواب :
ستتضح الاجابة جيداً عن هذا السؤال ببيان بعض النقاط :
١ ـ جاء في التواريخ بأنّ للنبي صلىاللهعليهوآله منذ طفولته اسمين ، وحتى أنّ الناس كانت تخاطبه بكليهما. أحدهما : (محمد) والآخر (أحمد) ، والأول : اختاره له جده (عبد المطلب). والثاني : أُمه (آمنة) ، وقد ذكر هذا الموضوع بالتفصيل في السيرة الحلبية.
٢ ـ من بين الذين ينادونه مراراً بهذا الاسم ، عمه (أبو طالب) ، وفي أيدينا اليوم كتاب بعنوان (ديوان أبي طالب) نشاهد فيه قصائد كثيرة ذَكرت النبي صلىاللهعليهوآله بعنوان (أحمد) مثل :
أرادوا قتل «أحمد» ظالموهم |
|
وليس بقتلهم فيهم زعيم |
وإن كان «أحمد» قد جاءهم |
|
بحق ولم يأتهم بالكذب (١) |
وفي غير (ديوان أبي طالب) نقلت عنه أشعار في هذا المجال مثل :
لقد أكرم الله النبي محمداً |
|
فأكرم خلق الله في الناس أحمد (٢) |
__________________
(١) ديوان أبي طالب ، ص ٢٥ و ٢٦.
(٢) تاريخ ابن عساكر ، ج ١ ، ص ٢٧٥.