باستطاعة هذه (القوانين الثابتة) تلبية احتياجات (الإنسان المتغيرة) على طول الزمن ...؟
يمكن الاجابة عن هذا السؤال أيضاً بالالتفات إلى النقطة التالية :
إذا كان لكل القوانين الإسلامية صفة (الجزئية) وتعين لكل موضوع حكماً محدداً وجزئياً فإنّ هذا السؤال يكون في محله ، أمّا إذا عرفنا أنّ في التعاليم الإسلامية توجد سلسلة من (الاصول العامة) الواسعة جدّاً والتي بإمكانها مسايرة الاحتياجات المتغيرة وتلبيتها فلا يبقى أي مجال لمثل هذا الإشكال.
مثلاً : بمرور الزمان تظهر سلسلة من المعاهدات والعقود والاتفاقيات الجديدة والعلاقات الحقوقية بين الناس لم تكن موجودة في عصر نزول القرآن أبداً ، كما هو الحال في مايسمى اليوم بـ (التأمين) ففي ذلك الزمان لا يوجد بتاتاً شيء يسمى (التأمين) وفروعه المتعددة ، (١) أو أنواع الشركات في عصرنا وزماننا هذا والتي تظهر للوجود حسب مقتضيات الوقت الحاضر ، ولكن مع هذا فإنّ لدينا في الإسلام قانوناً عاماً جاء في بداية سورة المائدة عنوانه (وجوب الوفاء بالعهد والعقد) يقول : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوفُوا بِالعَقُودِ). وكل تلك المعاهدات والعقود يمكن وضعها تحت غطاء ذلك القانون.
وطبعاً جاءت قيود وشروط بصورة عامة أيضاً على هذا الأصل الكلي في الإسلام يجب مراعاتها.
وبناءً على هذا فإنّ (القانون العام) ثابت وإن كانت مصاديقه في حالة تغيير ، وكل يوم يمكن أن يظهر مصداق جديد.
والمثال الآخر : إنّ لدينا في الإسلام قانوناً بديهياً باسم (قانون لا ضرر) الذي يمكن بواسطته الحد من كل حكم يشكل ضرراً على المجتمع الإسلامي ، وعن طريق هذا القانون تسد الكثير من احتياجاته.
وبغض النظر عن هذا فإنّ مسألة (لزوم حفظ نظام المجتمع) و (وجوب تقديم الواجب)
__________________
(١) طبعا توجد في الإسلام موضوعات شبيهة بالتأمين وفي حدود خاصة مثل مسألة (ضمان الجريرة) ولكن كماقلنا إنّها شبيهة بهذه القضية فقط.