ثالثة ، كانت سبباً في شعور النبي صلىاللهعليهوآله بالتعب الشديد بعد نزول الوحي عليه أول مرةٍ ، فرجع إلى بيته ونام على فراشه وإذا بصوت الوحي يقرع مسامعه للمرة الثانية بقوله تعالى : (يَاايُّهَا المُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّر). (المدثر / ١ ـ ٣)
وهناك أقوال كثيرة حول سبب نزول هذه الآية عند المفسرين.
فبعضهم يقول : إنّها تتعلق بزمان تجمع فيه المشركون العرب في موسم الحج ، وتشاوروا لمجابهة الرسول صلىاللهعليهوآله.
وقد جاء في روايات متعددة أنّ الآيات الاولى من سورة العلق ـ على أقل تقدير ـ نزلت بعد حادثة غار حراء وبعثة الرسول صلىاللهعليهوآله والآيات الباقية لها تتعلق بالسنوات التالية (١).
وتشابه هذه الآيات ، الآيات الاولى من سورة المزّمل التي أشارت أيضاً إلى أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله تدثر بردائه ونام في فراشه فنزل قوله تعالى : (يَاايُّهَا المُزَّمِّلُ* قُمِ الَّليلَ إِلَّا قَلِيلاً* نِّصفَهُ اوِ انقُصْ مِنهُ قَليِلاً* او زِدْ عَلَيهِ وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلاً* انَّا سَنُلقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً).
واسلوب هذه الآيات يدلل على أنّها نزلت في أوائل الدعوة الإسلامية لأنّ إلقاء القول الثقيل يشير إلى القرآن المجيد الذي نزل على رسول الله صلىاللهعليهوآله في زمان كان عدد المؤمنين فيه قليلاً ، فاضطر صلىاللهعليهوآله إلى جمع المؤمنين ليلاً وبعيداً عن أنظار الأعداء ليقرأ عليهم الآيات القرآنية التي كانت تحتوي على المعارف والقوانين الإسلامية.
وطبيعي أنّ قسماً من آيات هذه السورة قد نزلت في السنوات التالية ، بل وهناك احتمال أنّ الآية الطويلة الواقعة في آخر السورة والتي جاء فيها حثٌ على الجهاد في سبيل الله سُبحانه قد نزلت في المدينة أواخر المرحلة المكية (لأنّ فيها أخباراً عن المستقبل القريب).
وعلى أيّة حال فليس هناك سبب يمنع نزول الآيات الاولى من السورة في بداية الدعوة
__________________
(١) فسّر المفسرون كلمة (المدثر) على خمسة تفاسير ، وردت في التفسير الامثل ، ذيل هذه الآيات وأكثر الجميع ملاءمة هو أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله) كان مضطرباً فنام في فراشه ونزلت تلكم الآيات.