يعني لماذا يطلب هؤلاء معجزات اخرى على الرغم من وجود هذه المعجزة الإلهيّة العظيمة؟
فعلى هذا الأساس يُعلن بصراحة عن اعجاز القرآن ويتحدى المناوئين بالدلالة الالتزامية ويدعوهم إلى المنازلة.
يقول المفسر الكبير المرحوم الطبرسي في مجمع البيان : إنّ في إنزال القرآن دلالة واضحة ومعجزة لائحة وحجة بالغة تنزاح معه العلة وتقوم به الحجة فلا يحتاج في الوصول إلى العلم بصحة نبوته إلى غيره. على أنّ إظهار المعجزات مع كونها إزاحة للعلة تراعى فيه المصلحة فاذا كانت المصلحة في اظهار نوع منها لم يجز إظهار غيرها (١).
وتتبين أهميّة هذا البحث من خلال التوجه إلى النكتتين اللتين وردتا في (تفسير القرطبي) و (ظلال القرآن) :
إحداهما : إنّ خوارق العادات الجسمية تتوافق غالباً مع الأفراد المبتلين بالمسائل الحسية ، وتتناسب مع بداية التفكير البشري ، أمّا مثل هذه المعجزة الروحية التي تنطوي على جنبة معنوية فهي تنسجم مع الحقبة المتفتحة للفكر البشري.
والاخرى : اضافة إلى مخالفته خوارق عادات الأنبياء (نظير معجزة موسى وعيسى عليهماالسلام التي ألقيت عليها مسوح السحر تشكل هذا الإعجاز (الذي هو من جنس الكلام) من ألفاظ يقوى عليها جميع الأفراد من أصحاب تلك اللغة (٢).
* * *
تحصَّل من ذلك أنّ القرآن الكريم أشار في سبع آيات من السور المختلفة على الأقل إلى أنّه معجزة إلهيّة كبرى ، وقام بتحدي المنكرين له بطرق مختلفة.
ومن المعلوم أنّ أيَّ شخص قام بعمل خارق للعادة ودعا جميع الناس إلى معارضته
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٧ ، ٨ ، ص ٢٨٩.
(٢) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٦ ، ص ٤٢٢ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٧ ، ص ٥٧١.