واستناداً إلى (بحار الأنوار) ننقل الحكاية بصورة موجزة وكمايلي :
«قدم أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس في موسم من مواسم العرب وهما من الخزرج ، وكان بين الأوس والخزرج حرب قد بقوا فيها دهراً طويلاً وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار ، وكان آخر حرب بينهم يوم بعاث ، وكانت للأوس على الخزرج ، فخرج أسعد بن زرارة وذكوان إلى مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس ، وكان أسعد بن زرارة صديقاً لعتبة بن ربيعة فنزل عليه فقال له : إنّه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئنا نطلب الحلف عليهم ، فقال له عتبة : بعدت دارنا من داركم ، ولنا شغل لا نتفرغ لشيء ، قال : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم؟ قال له عتبة : خرج فينا رجل يدّعي أنّه رسول الله ، سفّه أحلامنا وسبّ آلهتنا وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، فقال له أسعد : من هو منكم؟ قال ابن عبد الله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفاً ، وأعظمنا بيتاً ، وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم : النضير وقريظة وقينقاع ، أنّ هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة لنقتلنّكم به يا معشر العرب ، فلما سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود ، قال : فأين هو؟ قال : جالس في الحجر وأنّهم لا يخرجون من شعبهم إلّافي الموسم ، فلا تسمع منه ولا تكلمه فانّه ساحر يسحرك بكلامه.
وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب ، فقال له أسعد : فكيف أصنع وأنا معتمر لابدّ لي أن أطوف بالبيت؟ قال ضع في أذنيك القطن ، فدخل أسعد المسجد وقد حشا اذنيه بالقطن ، فطاف بالبيت ورسول الله جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم فنظر إليه نظرة فجازه ، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه ، ما أجد أجهل منّي؟ أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم ، ثم أخذ القطن من أذنيه ورمى به ، وقال لرسول الله : أنعم صباحاً ، فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآله رأسه إليه وقال : «قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا ، تحية أهل الجنة : السلام عليكم ، فقال له أسعد : إنّ عهدك بهذا لقريب ، إلى ما تدعو يا محمد؟ قال : «إلى شهادة أن لا إله إلّاالله ، وأنّي رسول الله ، وأدعوكم إلى