لم يثبت تاريخياً ، وقد يكون السبب وراء تلك الاتهامات أنَّ مجموعة من الجهال فسرت قسماً من المقاطع المسجعة لبعض الادباء العرب على انّها تحد للقرآن الكريم ، أو أنّ الأعداء المحتالين أرادوا أنْ يستغلوا هذا الاحتمال.
ومن جملتهم : (عبد الله بن المقفع) وهو من الكتاب والادباء المعروفين في القرن الثاني للهجرة عاصر الإمام الصادق عليهالسلام ويُقال عنه إنّه كان في بداية الأمر مسيحياً ثم أسلم بعد ذلك ، وكان يمتلك الاحاطة الكاملة باللغة الفارسية ، وترجم إلى العربية بعض الكتب من جملتها كتاب (كليلة ودمنة) وقد أظهر الإسلام بوضوح في المقدمة التي كتبها لهذا الكتاب. ولكن يقال : إنّه سُمع منه أحياناً بعض الكلمات الجارحة.
ومن ثَمَّ سلَّموه إلى أمير البصرة (سفيان بن معاوية المُهلبي) فقتله بسبب بعض الاختلافات الجانبية بينهما ظاهراً.
ويقالُ : إنّه لما أراد سفيان أن يلقيه في التنور قال له : أقتلك ولا شيء عليّ لأنّك زنديق قد أفسدت عقائد الناس. وعلى أي حال فإنّ عقائده ليست واضحة لنا بدقة ، ولكن المسلّم به هو أنّه لم يدعُ إلى معارضة القرآن ، وإن كان بعضهم يرى أنّ كتابه المعروف (بالدرة اليتيمة) دُوِّنَ لهذا الغرض ، ومن حسن الحظ أنّ كتابه هذا بين أيدينا وقد طبع عدّة مرات. ولم نرَّ فيه أيّة إشارة لمسألة المعارضة للقرآن ، ولا يعلم ما هو السبب وراء هذه النسبة له ولكتابه.
وعلى أيّة حال لا توجد هناك وثيقة تاريخية تدل على معارضته للقرآن ، وكتابه المذكور وإن دوّن بصورة أدبية إلّاأنّه لا يوجد فيه شيء يدل على (تحديه) للقرآن.
٤ ـ من ضمن الأشخاص الذين نسبت إليهم هذه التهمة أيضاً : (أبو العلاء المعري) وهو من الكتاب والشعراء المعروفين في القرن الخامس للهجرة ، وكان رجلاً ملحداً ، نقل عنه كلام جارح ، بحيث لايمكن القياس بينه وبين (عبد الله بن المقفع) ، إلّاأنّه ـ وعلى أي حال ـ لا يوجد بين أيدينا سند تاريخي يدل على توجهه إلى تحدي القرآن ؛ ولعل توجيه مثل هذه النسبة إليه يعزى إلى اتهامه بالإلحاد وعدم التدين من جهة ، وإلى كونه أديباً وشاعراً وكاتباً