من جهة اخرى ؛ يشهد على ذلك استخفافه بالعبارات المسجعة المذكورة في كتاب (التاج) لابن الراوندي ، إذ يقول بصراحة في (رسالة الغفران) التي كتبها رداً ، على كتاب (التاج) : بان قوافي وسجعيات ابن الراوندي لاتعدو أن تكون نظير ما يقوله الكهنة نحو : افٍ وتُفٍ وجَورَبٍ وخُفٍ (١).
وعلى هذا الأساس ، يرى هو الآخر أن حَبكَ العبارات المسجوعة من دون مضمون ليس لها أية قيمة وأهميّة.
ومن الجدير بالذكر ، أنّه يمتلك مقالة جيدة بصدد القرآن في رسالة الغفران نفسها تدل على اعترافه بعظمة القرآن وشموخ معانيه (وإن كان لا يعتبره وحياً سماوياً) فهو يقول بصراحة : عندما تأتي آية واحدة من القرآن في حديث ما فهي كنجم مضيء يتلألأ في ليل بهيم.
٥ ـ (أحمد بن الحسين الكوفي) الشاعر المعروف بالمتنبي الذي يظهر من اسمه أنّه كان ادّعى النبوّة ، وقد كان من ادباء القرن الرابع للهجرة ، وهو على جانب كبير من الذوق الشعري ، في بداية الأمر اعتنق الإسلام لكنه ادّعى النبوّة بعد ذلك كما قيل ، ومن الجدير بالذكر أن دعواه هذه كانت في السنة السابعة عشرة من عمره.
جاء في حاشية كتاب (اعجاز القرآن) للرافعي : أنّه ادّعى النبوّة في سنة ٣٢٠ ه. وتبعه جمع من (بني كلب) ، ومن ثَمّ ألقاه والي حمص في السجن وتفرق عنه اتباعه ، فتاب وافرِج عنه ، ثم أنكر هذا الأمر بعد ذلك ، ومرّت مدّة من الزمن أصبح فيها مقرباً إلى (سيف الدولة) وكلما ذُكِّر في مجلسه ادّعائه للنبوّة كان ينكر ذلك ؛ قُتل في نهاية الأمر على يد (فاتك بن أبي جهل) بسبب وقوع اختلافات بينه وبين اتباع (عضد الدولة الديلمي) (٢).
٦ ـ ومن ضمن الأشخاص الذي فكروا في تحدي القرآن : (أحمد بن يحيى) المعروف بابن الراوندي ، وهو من متكلمي المعتزلة ، لازَمَ الملحدين والمناوئين للاسلام دائماً لأنّهم
__________________
(١) اعجاز القرآن للرافعي ، ص ١٣٧.
(٢) المصدر السابق.