بحسنات ، فهو حالة الانتفاع به كما قال عزوجل : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠].
وقوله : (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
أما فى الدنيا : فذهاب التعظيم والإجلال والثناء الحسن الذى يستوجب (١) بالخير والدين عند الناس ، فإذا ارتد عن الإسلام حبط ذلك كله وصار على أعين الناس أخف من الكلب والخنزير.
وأما حبطه فى الآخرة : فذهاب ثواب أعماله ، وكأن ما يستوجب المرء من الثواب إنما يستوجب بما يأتى من الأعمال ويحضرها عند الله ، لا بالعمل نفسه ؛ ألا ترى إلى قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ١٦٠] ، وقوله : (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) [طه : ٧٥ ـ ٧٦] ، دل هذا أن الثواب إنما يستوجب بإحضاره وإتيانه عند الله ، لا بالعمل نفسه. والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا).
تضمن قوله : (آمَنُوا) الإيمان بالله ، والإيمان بجميع ما جاء به الرسل من الرسالات وغيرها.
وقوله : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا).
الهجرة تكون على وجهين :
أحدهما : الهجرة المعروفة التى كانت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، وهو كقوله : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء : ١٠٠]. ثم روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «لا هجرة بعد فتح مكة» (٢).
__________________
(١) فى ب : لا يستوجب.
(٢) وأما حديث يعلى بن أمية فأخرجه النسائى (٧ / ١٤١) فى البيعة ، باب البيعة على الجهاد (٧ / ١٤٥) فى ذكر الاختلاف فى انقطاع الهجرة ، وأحمد (٤ / ٣٢٣ ، ٣٢٤) ، والطبرانى فى الكبير (٢٢ / ٢٥٧) (٦٦٤ ، ٦٦٥) ، والبيهقى (٩ / ١٦) ، من طريق ابن شهاب عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية أن أباه أخبره أن يعلى قال : جئت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأبى يوم الفتح ، فقلت : يا رسول الله ، بايع أبى على الهجرة. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبايعه على الجهاد ، وقد انقطعت الهجرة».
وأما حديث أبى سعيد الخدرى فأخرجه أحمد (٣ / ٢٢) ، (٥ / ١٨٧) ، والطيالسى (٦٠١ ، ٩٦٧ ، ٢٢٠٥) ، والبيهقى فى دلائل النبوة (٥ / ١٠٩) ، عن أبى البخترى الطائى عن أبى سعيد الخدرى قال : لما نزلت هذه السورة (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ ..). الآية ـ