أحدهما : أنهن فى الجاهلية كن يكتمن ذلك فيلحقن بغير الآباء ، فأوعدن على ذلك بعد الإسلام ؛ فثبت أن الحيض لا يحتمل.
والثانى : أن الحيض لا ينسب بكونه فى الرحم ، فإذا كان غير منسوب إليه لم يحتمل كونه فيه. والله أعلم.
لكن الوجه فيه ما ذكرنا من قول الصحابة ، وما فيه من الدلالة أنهن مؤتمنات فيما يخبرن ؛ لوجهين :
أحدهما : ما جاء فى الخبر من أن الأمانة أن تؤتمن المرأة على فرجها (١).
والثانى : لو لا أنها ممن يقبل خبرها فيه (٢) لما أوعدن على الكتمان.
ثم يحتمل الكتمان من وجهين :
أحدهما : أن يكتمن ذلك يستوجبن به الإنفاق من عند أزواجهن بقولهن : العدة باقية ، وذلك يحتمل الحيض والحبل جميعا.
ويحتمل : ما قاله بعض أهل التأويل من إبقاء حق الرجعة.
ويحتمل قول أبى حنيفة ، رحمهالله تعالى ، فى كتمانها ، إذ قال فى المرأة إذا جاءت بولد فى العدة ، فشهدت امرأة على الولادة والحبل : لم يكن ظاهرا أن يقبل قولها ؛ إذ هى أمرت بالإظهار ، والكتمان أورث تهمة فى القبول.
ويحتمل : ألا يحل لهن أن يكتمن الحبل فيلحقن بغيرهم من الأزواج. والله أعلم.
وقوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً).
يحتمل وجهين :
يحتمل : أنهن لا يملكن الرجعة ، ولا منع أزواجهن عن المراجعة ، بل ذلك إلى بعولتهن.
ويحتمل : (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) فى نكاح فى العدة ، لا فى حق الرجعة ؛ إذ الزوج يملك نكاحها فى العدة ، وغيره من الناس لا يملك ، كقوله : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ).
وقوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ) ، فيه دليل أن قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) إنما عنى به المطلق طلاقا لم يقطع على نفسه جهة العود.
وقوله فى ذلك : (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) يحتمل وجوها :
__________________
(١) ينظر : أحكام القرآن (١ / ٣٧١).
(٢) فى أ : خبر فيها ، وفى ب : فيما تخير.