اثنين ، والمهر يتعرف بهما ؛ لأن القصة فى امرأة بعينها وكانت ظهرت كفاءة زوجها لها ، وقال فى الكفاءة : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ) [البقرة : ٢٣٤] ، ووجود الكفاءة إنما تكون من إحدى الجانبين ، فذكر ذلك مضافا إلى الأولياء ، لم يجز دونهم.
والأصل فى مسألة النكاح : أن الحق فى النكاح لها على الولى ، لا للولى عليها ، دليله : ما يزوج على الولى إذا عدم ، ويجوز (١) عليه إذا وجد ، وزوج عليه إذا أبى ، وهى لا تجبر بإرادة الولى إذا أبت ؛ فبان أن الحق لها قبله ، ومن ترك حق نفسه فى عقد له قبل آخر لم يوجب ذلك فساده. والله أعلم.
وقوله : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ) ، فيه دليل على أن النهى عن العضل إنما كان فى الأزواج كانوا لهن ، دليله قوله : (أَزْواجَهُنَّ) ، ولا يسمى (الأزواج) إلا بعد النكاح ، ويدل أيضا قوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) ، ذكر (الطلاق) فدل أنه كان فى أزواج كان لهن.
ويحتمل : أن يكون فى الابتداء من غير أن كان ثم نكاح ، وجائز تسمية الشىء باسم ما يئول الأمر إليه لقرب حالهن بهم.
وأما أهل التفسير بأجمعهم قالوا : إن الآية نزلت فى أخت معقل بن يسار المزنى ، أن زوجها قد طلقها وانقضت عدتها ، ثم أراد الزوج أن يتزوجها ثانية وتهوى المرأة ذلك ، فيقول الولى : لا أزوجها إياه ؛ فنزل قوله تعالى : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) وهو يحتمل المعنى الذى ذكرنا. والله أعلم.
وقوله : (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
قيل : (يُوعَظُ بِهِ) ، أى ينهاكم به ، كقوله : (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) [النور : ١٧] ، أى : ينهاكم.
وقيل : (يُوعَظُ بِهِ) ، أى : يؤمر به.
وقوله : (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ).
قيل : إذا وضعن أنفسهن حيث هوين فذلك أزكى وأطهر لكم من العضل من ذلك ؛ ولعل العضل يحملهن (٢) على الفساد والريبة.
وقيل : المراجعة خير لكم من الفرقة ، وأطهر لقلوبكم من الريبة.
وقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
__________________
(١) فى أ : ويخبر.
(٢) فى ط : يحملن.