والثانى : قوله عزوجل : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
والثالث : قوله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ).
فثبت أنه حق على الوالد إلى أن ذكر فيه إيتاء الأجر.
وفيه دلالة على أن شرط الطعام والكسوة للظئر يجوز بقوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ) ، غير أن الكسوة لا تجوز إلا بإعلام الجنس ، والطعام يجوز ؛ لأن الظئرة تكسى كسوة الأهل وتطعم طعامهم. فلا بد فى الكسوة من إعلام جنسه ، إذ لا يجوز أن تكون كسوة واحدة لها وللأهل ، ويجوز فى الطعام ذلك ؛ لأن الكسوة ليست بذى غاية تعرف ، فاحتيج إلى ذكر الجنس ليقع فى حد قرب المعرفة والعلم (١) ، وأما الطعام فهو ذو غاية عند الناس غير متفاوت ولا متفاضل عندهم ؛ لذلك جاز هذا ، ولم يجز الآخر إلا أن يعلم الجنس ، فإذا علم الجنس فحينئذ يصير عندهم كالطعام. والله أعلم.
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ فدل على جوازه قوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) ، أى ـ والله أعلم ـ مثل ما على المولود له ، ويكون ذلك بعد موته ؛ لذلك يجوز شرط الكسوة والطعام فى الرضاع.
وقوله : (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) ، ليس فيه جعل الحولين شرطا فى الرضاع لوجوه :
أحدها : قوله : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) ، فلو لم يحتمل الزيادة والنقصان لم يكن لقوله : (لِمَنْ أَرادَ) معنى.
والثانى : الإرادة والقدرة ربما تذكر على غير إرادة وقدرة فى الحقيقة ، ولكن على إرادة حقيقة الفعل. دليله قوله صلىاللهعليهوسلم : «من أراد الحج فليفعل كذا ، ومن استطاع أن يفعل كذا فليفعل» (٢) ، ليس ذلك على حقيقة (٣) القدرة والإرادة ، ولكن هذا ـ والله أعلم ـ على معنى : «من فعل كذا فليفعل كذا» ؛ فكذلك الأول ليس على حقيقة الإرادة ، ولكن تذكر ذلك لما لم يكن الفعل إلا بقدرة وإرادة. والله أعلم.
والثالث : لا يخلو «الحولين» من أن يقدر بالأهلة فقد ينتقص عن سنتين ، أو أن يقدر بالأيام فقد يزداد على المعروف من الوقت ؛ فثبت أنه بحيث الاحتمال لما ذكرنا ؛ إذ
__________________
(١) فى أ : والعمل.
(٢) أخرجه مسلم (٤ / ٣٩٥) كتاب الحج ، باب بيان وجوه الإحرام (١١٤ / ١٢١١) عن عائشة قالت : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ..» الحديث.
(٣) فى ب : إرادة.