ففيه دلالة أن من حلف : (لا يعتق) ، و (لا يطلق) فأمر غيره ، ففعل ، حنث وجعل كأنه هو الفاعل. والله أعلم.
ثم اختلف فى تأويل قوله : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ).
قال بعضهم (١) : هو معطوف على قوله : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) معناه : ألا يضار الوارث أيضا باليتيم.
وقال آخرون : هو معطوف على الكل : على النفقة ، والكسوة ، والمضارة.
وقال غيرهم : هو راجع إلى النفقة والكسوة دون المضارة. وهو قولنا ؛ لوجهين :
أحدهما : أن نسق الكلام إنما هو على قوله : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، فنسقه على حرف (على) أولى من نسقه على حرف (لا) ، [ليصح ، إذ](٢) لو حمل على قوله : (لا تُضَارَّ) لكان ما يوازيه من الكلام ، إنما هو : الوارث مثل ذلك.
والثانى : أنه لو حمل على إضرار من الوارث بالولد فى الميراث لقال : وعلى المورث بحق الميراث ، فلا ضرر يقع فيه ، بل يقع (٣) الإنفاق ؛ فثبت أن حمله عليه أحق.
ثم اختلف فى قوله : (وَعَلَى الْوارِثِ) :
قال بعضهم : أراد (بالوارث) الوالد ، والأم ، والجد ، ولا يدخل ذو الرحم المحرم فيه. ذهبوا فى ذلك إلى ما روى عن ابن عباس ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال ذلك.
وأما أصحابنا ، رحمهمالله تعالى ، ذهبوا إلى ما روى عن عمر (٤) ، رضى الله تعالى عنه ، أنه أوجب النفقة على العم ، وقال : لو لم يبق من العشيرة إلا واحد لأوجبت عليه النفقة. وروى أيضا عن زيد بن ثابت (٥) ، رضى الله تعالى عنه أنه قال فى قوله تعالى :
__________________
(١) قاله الضحاك والشعبى ومجاهد وسفيان ، أخرجه ابن جرير عنهم (٥٠٣٦ ، ٥٠٣٧ ، ٥٠٣٨ ، ٥٠٤٠) ، وأخرجه ابن المنذر وابن أبى حاتم والبيهقى من طريق مجاهد والشعبى عن ابن عباس كما فى الدر المنثور (١ / ٥١٤).
(٢) فى ط : يتضح أن.
(٣) فى ب : يمنع
(٤) أخرجه ابن جرير (٤٩٩٢ ، ٤٩٩٤) ، وسفيان وعبد الرزاق وأبو عبيد فى الأموال وعبد بن حميد وابن أبى حاتم فى ناسخه والبيهقى كما فى الدر المنثور (١ / ٥١٤).
(٥) أخرجه عبد بن حميد عن حماد كما فى الدر المنثور (١ / ٥١٤) زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بمعجمة ابن عمرو النجارى المدنى كاتب الوحى وأحد نجباء الأنصار ، شهد بيعة الرضوان ، وقرأ على النبى صلىاللهعليهوسلم ، وجمع القرآن فى عهد الصديق. وولى قسم غنائم اليرموك. له اثنان وتسعون حديثا. اتفقا على خمسة وانفرد البخارى بأربعة ، ومسلم بواحد. روى عنه ابن عمر وأنس وسليمان ابن يسار ، وابنه خارجة بن زيد وخلق. قال يحيى بن سعيد : لما مات زيد قال أبو هريرة : مات خير الأمة. توفى سنة خمس وأربعين. وقيل : سنة ثمان. وقيل : سنة إحدى وخمسين. ينظر : الخلاصة ـ