(وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) : النفقة على كل ذى الرحم المحرم على قدر مواريثهم. فاتبعنا الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فى ذلك. وفى الكتاب دليل وجوب النفقة على المحارم ، قوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) [النور : ٦١] ، فإنما يأكل بحق ، لا بالرضاء.
ألا ترى أنه يأكل من بيت الأجنبى إذا بذل ورضى ، فلو لم يكن أكله من بيت هؤلاء بحق لم يكن للتخصيص فائدة.
فإن عورض (بالصديق) ، أنه لا يفرض عليه [قيل : لما أنه لو فرض عليه](١) لانقطعت الصداقة بينهما. ثم لقائل أن يقول : كيف لا أوجبت النفقة على كل وارث على ظاهر الآية؟
قيل : الآية مخصوصة بالإنفاق ؛ لأن المرأة وارثة ، ولا تفرض عليها نفقة الزوج ؛ دل أنه أراد وارثا دون وارث ، وهو الوارث من الرحم المحرم. والله أعلم.
وقوله : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما).
قيل (٢) : فإن أراد الأبوان فصال الصبى وفطامه بدون الحولين ليس لهما إلا بتراضيهما جميعا واتفاقهما على ذلك ، وأما بعد تمام الحولين فإنه إذا أراد أحدهما [الفصال دون الآخر يفصل وأصله واحد بأن الفصال بعد الحولين فصال على التمام والكمال فجاز أن يفصل اذا أراد أحدهما](٣). وأما الفصال قبل الحولين فصال عن غير تمام ذكره الكتاب ، فلا يفصل إلا باجتماعهما واتفاقهما على ذلك. وأما ما بعد الحولين هو على تمام النص ، فجاز ذلك لرأى واحد منهما ، وما قبله لا يجوز إلا لرأيهما جميعا.
وأصله : أنه بالحولين قد ظهر التمام والكفاية ، ثم بالنص ، وما دونه يعلم بالاجتهاد ، وعند التنازع يزول موضع بيان الصواب فيرد إلى الحد المذكور ، مع ما فى القرآن للتمام ذكر إرادة الفرد ، وللفصل التشاور. والله أعلم.
__________________
ـ (١ / ٣٥٠) (٢٢٤٥).
(١) سقط فى ط.
(٢) قاله ابن عباس والسدى والضحاك ، أخرجه ابن جرير عنهم (٤٠٤٥ ، ٤٠٤٤ ، ٤٠٤٦) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥١٥).
(٣) سقط فى ط.