رضى الله تعالى عنهم ، أنهم قالوا : إذا وضعت ما فى بطنها ، وزوجها على السرير ، انقضت عدتها. وكذلك روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أن امرأة مات عنها زوجها ، وكانت حاملا ، فوضعت بعد ذلك بأيام ، فأذن لها بالنكاح» (١).
ثم الأمر بالإحداد أربعة أشهر وعشرا ، ما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها ، فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا» (٢).
فإن قيل : أليس وجب ذلك على المطلقة ، والخبر إنما جاء فى الموت ، [قيل : ليس للموت ما وجب ولكن لمعنى فى الموت](٣) وهو فوت النعمة فى الدين ، وذلك الفوت فى الطلاق كهو فى الموت؟!
ألا ترى أنه لم يجب ذلك فى موت أبيها ولا فى موت ولدها ، دل أنه لم يجب للموت نفسه ، ولكن لفوت النعمة فى الدين ؛ ألا ترى أنه روى فى الخبر أن المرأة الصالحة مفتاح الجنة ، فأمرت بإظهار الحزن على ما فات منها من النعمة بترك الزينة والتشوف ؛ إذ النكاح نعمة. ثم الدخول بها سواء فى وجوب المهر والعدة وترك الزينة وإظهار الحزن على فوت النعمة ، وأما المطلقة قبل الدخول بها لم يلزمها ذلك ؛ لأن العدة لم تلزمها فتتجدد لها النعمة ، لما لها أن تنكح للحال ، فتكتسب نعمة. والله أعلم. ألا ترى أن الصبى الصغير إذا مات عن امرأته تلزمها أربعة أشهر وعشر ، دل هذا على أن وجوبها لفوت النعمة. والله أعلم.
وقوله : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
قوله : (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) [قيل : لا تبعة عليكم ولا إثم (فِيما فَعَلْنَ) قيل : تزين
__________________
(١) أخرجه مالك (٢ / ٥٩٠) كتاب : الطلاق ، باب : عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا ، حديث (٨٦) ، والبخارى (٨ / ٦٥٣) كتاب : التفسير ، باب : سورة الطلاق ، حديث (٤٩٠٩) ، ومسلم (٢ / ١١٢٢ ـ ١١٢٣) كتاب : الطلاق ، باب : انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها ، حديث (٥٧ / ١٤٨٥) ، والترمذى (٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣) كتاب : الطلاق ، باب : ما جاء فى الحامل المتوفى عنها زوجها تضع ، حديث (١١٩٤) ، والنسائى (٦٠ / ١٩١ ـ ١٩٢) كتاب : الطلاق ، باب : عدة الحامل المتوفى عنها زوجها ، وأحمد (٦ / ٤٣٢) ، والدارمى (٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦) كتاب : الطلاق ، باب : فى عدة الحامل المتوفى عنها زوجها والمطلقة ، والطيالسى (١٥٩٣) ، وابن الجارود ، حديث (٧٦٢) ، وابن حبان (٤٢٨٣ ـ الإحسان) ، والبيهقى (٧ / ٤٢٩).
(٢) تقدم.
(٣) سقط فى ط.