السلام : «فآذنينى» كناية خطاب إلى أن أشار على أسامة ، دون ما ذكره أهل التأويل : «إنك لجميلة» ، و «إنك لتعجبيننى» ، و «ما أجاوز إلى غيرك» ، أو «إنك لنافعة» ، ومثل هذا لا يحل أن يشافه لامرأة أجنبية لا يحل له نكاحها.
وفى الآية دلالة أن لا بأس للمتوفى عنها زوجها الخروج بالنهار [لما ذكر من التعريض](١) لأن الرجل لا يأتيها منزلها فيعرض لها ، ولكن المرأة قد تخرج من منزلها فتصير فى مكان احتمال التعريض ، فعند ذلك يقول لها ما ذكرنا. وعلى ذلك جاءت الآثار ؛ روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أن امرأة مات زوجها ، فأتته ، فاستأذنته للاكتحال ، لم يأت أنه نهاها عن الخروج» (٢). وما روى عن عمر ، وابن مسعود ، رضى الله تعالى عنهما ، بالإذن لهن بالخروج بالنهار ، والنهى عن البيتوتة فى غير منزلهن. ولأن المتوفى عنها زوجها مئونتها على نفسها ، فلا بد لها من الخروج. وأما المطلقة فإن مئونتها على زوجها ، والزوج هو الذى يكفى مئونتها ويزيح علتها ؛ لذلك افترقا. والله أعلم.
ثم (التعريض) لا يجوز فى المطلقة لوجهين :
أحدهما : ما ذكرنا ألا يباح لها الخروج من منزلها ليلا ولا نهارا ، والمتوفى عنها زوجها
__________________
ـ قالت : فخطبنى أسامة بن زيد ، فتزوجنى ، فبارك الله لى فى أسامة.
قال الترمذى : هذا حديث صحيح ، وقد رواه سفيان الثورى عن أبى بكر بن أبى الجهم نحو هذا الحديث. ا. ه.
وهو الحديث السالف.
وأخرجه النسائى (٦ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨) كتاب : الطلاق ، باب : الرخصة فى خروج المبتوتة من بيتها فى عدتها لسكناها ، وأحمد (٦ / ٤١٤) ، والحاكم (٤ / ٥٥) من طريق ابن جريج عن عطاء : أخبرنى عبد الرحمن بن عاصم ؛ أن فاطمة بنت قيس أخبرته ـ وكانت عند رجل من بنى مخزوم ـ أنه طلقها ثلاثا وخرج إلى بعض المغازى ، وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها ، فانطلقت إلى بعض نساء النبى صلىاللهعليهوسلم ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهى عندها فقالت : يا رسول الله هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان ، فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها ، وزعم أنه شىء تطول به قال : «صدق» قال النبى صلىاللهعليهوسلم : «فانتقلى إلى أم كلثوم فاعتدى عندها» ، ثم قال : «إن أم كلثوم امرأة يكثر عوادها فانتقلى إلى عبد الله بن أم مكتوم ، فإنه أعمى» فانتقلت إلى عبد الله فاعتدت عنده حتى انقضت عدتها ثم خطبها أبو الجهم ومعاوية بن أبى سفيان ، فجاءت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تستأمره فيهما ، فقال : «أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا وأما معاوية فرجل أملق من المال» فتزوجت أسامة ابن زيد بعد ذلك وأسامة بن زيد هو : أسامة بن زيد بن حارثة الكلبى أبو محمد وأبو زيد الأمير حب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابن حبه وابن حاضنته أم أيمن. له مائة وثمانية وعشرون حديثا ، أمّره النبى صلىاللهعليهوسلم على جيش فيهم أبو بكر وعمر ، وشهد مؤتة. قالت عائشة : من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة. توفى بوادى القرى ، وقيل بالمدينة سنة أربع وخمسين عن خمس وسبعين سنة.
ينظر الخلاصة (١ / ٦٦) (٣٥١).
(١) سقط فى ط.
(٢) تقدم.