هجوم وقتها لنافلة وللحاجة. وذلك بعض ما يعرف من معنى المحافظة ، وهى أن الصلوات جعلن متصلات الأوقات ، وهى الوسطى منهن. والله أعلم.
وقوم ردوا إلى صلاة الفجر بما فى ذلك من الترغيب والتخصيص بالأمر ، كقوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [الإسراء : ٧٨] ، وما أخبر من شهود ملائكة الليل والنهار ، ولأن وقتها الوسط من أحوال الخلق ، إذ أحوالهم تكون سكونا مرة ، وانتشارا ثانيا ، وبذلك ختم أوقات السكون وافتتاح أحوال الانتشار ، ووسط الشىء : هو الذى فيه حظ الحواشى ، وقد وجد ذلك فى وقت هذه الصلاة. والله أعلم.
ومنهم من صرف إلى العصر بما جاء فى ذلك من الترغيب ومن الوعيد فى ترك ذلك ، وبها ختم أحوال الزلات التى تدخل فى المكاسب ، فتكون بها التوبة عنها والاستغفار منها. ولا قوة إلا بالله.
وقوله تعالى : (حافِظُوا) على مخاطبة الجملة على الاشتراك ؛ إذ المفاعلة اسم (١) ذلك على تضمن الترغيب فى الجماعات ، أو على لزوم كثرة عدد الصلاة ، أو على ما خرج الأمر بالمسارعة (٢) إلى الخيرات والمسابقة لها ، وكل فى ذلك ـ والله أعلم ـ على أن الظهر سميت أولى ، فعلى ذلك تكون المغرب الوسطى.
وقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).
قيل : خاشعين خاضعين فيها (٣) ، لا يدخل فيها ما ليس منها ؛ وعلى ذلك روى عن زيد ابن أرقم ، أنه قال : كنا نتكلم فى الصلاة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما نزل قوله : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) ، [مطيعين](٤) أمرنا بالسكوت فى صلاتهم خاضعين خاشعين ، ونهينا عن الكلام (٥) ؛ وعلى ذلك سمى الدعاء قنوتا.
وقال آخرون (٦) : (قانِتِينَ) ، أى مطيعين. وذلك ما قيل : إن أهل الأديان يقومون فى
__________________
(١) فى أ : هم.
(٢) فى أ : بالمنازعة.
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه من (٥٥٣١) إلى (٥٥٣٤) انظر الدر المنثور (١ / ٥٤٤).
(٤) سقط فى ط.
(٥) أخرجه البخارى (٨ / ٤٦) كتاب التفسير ، باب (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٤٥٣٤) ، ومسلم (١ / ٣٨٣) ، كتاب المساجد ، باب تحريم الكلام فى الصلاة (٣٥ / ٥٣٩) ، وأحمد (٤ / ٣٦٨) ، وأبو داود (١ / ٣١٣) ، كتاب الصلاة ، باب النهى عن الكلام فى الصلاة (٩٤٩) ، والترمذى (١ / ٤٣٠) كتاب الصلاة ، باب فى نسخ الكلام فى الصلاة (٤٠٥) ، والنسائى (٣ / ١٨) كتاب السهو باب الكلام فى الصلاة ، وابن خزيمة (٨٥٦ ، ٨٥٧) ، وابن حبان (٢٢٤٥ ، ٢٢٤٦ ، ٢٢٥٠) ، والبيهقى (٢ / ٢٤٨).
(٦) قاله ابن عباس والشعبى وجابر بن زيد وعطاء وسعيد بن جبير وغيرهم ، أخرجه ابن جرير عنهم ـ