صلاتهم خاضعين ساهين ، فأمر أهل الإسلام أن يقوموا مطيعين.
و «القنوت» هو القيام ، على ما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه سئل عن أفضل الصلوات ، فقال : طول القنوت (١). وأصل القنوت ـ ما ذكرنا ـ هو القيام ، غير الذى يقوم لآخر ، يقوم على الخضوع والخشوع والسكوت. وليس فى الآية أنه أمر بذلك فى الصلاة ، غير أن أهل التأويل صرفوا إلى ذلك ؛ لأنها ذكرت على أثر ذكر الصلاة. وكذلك قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) ليس فيه أن ذلك فى الصلاة ، لكنهم صرفوا إليها ذلك ؛ لأنه ذكر على أثر ذلك الصلاة. ثم اختلف فيه :
قالوا : (رُكْباناً) على الدواب (٢) ، حيثما توجهت بهم الدواب يصلون عليها فى حال السير والوقوف. وعلى ذلك جاءت الآثار من فعل رسول الله (٣) صلىاللهعليهوسلم ، وفعل الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فى النوافل ، فتكون الفرائض عند العذر به مرادة بالآية ، بل على ما ظهر فعل النوافل فى غيره بالسنة.
وأما قوله : (فَرِجالاً) فمما اختلف فيه :
قال : ما يكون (فَرِجالاً) ، فمشاة (٤) ، وهو من الرجل وترجّل : مشى راجلا.
وأما عندنا : فهو على المعروف من الصلاة على الأرجل والأقدام قياما وقعودا ، لا يزال عن الظاهر. والمعروف الذى عرف الفعل به على ما عرف من الصلاة على الأرجل.
__________________
ـ (٥٥٠١ ، ٥٥٠٣ ، ٥٥٠٤ ، ٥٥٠٥ ، ٥٥١١) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٤٣ ، ٥٤٤).
(١) أخرجه مسلم (١ / ٥٣٠) فى صلاة المسافرين ، باب أفضل الصلاة طول القنوت (١٦٤ ـ ١٦٥ / ٧٥٦) ، والترمذى (٢ / ٢٢٩) فى أبواب الصلاة ، باب ما جاء فى طول القيام فى الصلاة (٣٨٧) ، وابن ماجه (١ / ٤٥٦) فى إقامة الصلاة ، باب ما جاء فى طول القيام فى الصلوات (١٤٢١) ، وأحمد (٣ / ٣٠٢ ، ٣٩١) ، والحميدى برقم (١٢٧٦) ، والطيالسى (١ / ٢٤) برقم (٢٩) ، وأبو يعلى (٢١٣١) عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الصلاة طول القنوت».
وفى رواية سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أى الصلاة أفضل؟ قال : «طول القنوت».
وقال النووى فى شرح مسلم (٢ / ٤٠٦) : المراد بالقنوت هنا القيام باتفاق العلماء فيما علمت ، وقال أبو بكر بن العربى فى عارضة الأحوزى (٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩) : تتبعت موارد القنوت فوجدتها عشرة : الطاعة ، والعبادة ، ودوام الطاعة ، والصلاة ، والقيام ، وطول القيام ، والدعاء ، والخشوع ، والسكوت ، وترك الالتفات ، كلها محتملة. أولاها : السكوت والخشوع والقيام. وأحدها فى هذا الحديث القيام. وهو فى النافلة بالليل أفضل ، والسجود والركوع بالنهار أفضل.
(٢) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ٢٢١).
(٣) فى الباب عن ابن عمر :
أخرجه البخارى (٢ / ٥٦٧) فى الوتر ، باب الوتر فى السفر (١٠٠٠) ، ومسلم (١ / ٤٨٦) كتاب صلاة المسافرين ، باب جواز صلاة النافلة (٣١ / ٧٠٠).
(٤) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ٢٢١).