وقيل : (هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ، أى لا يغفل عن أحوال الخلق.
وقوله تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ).
قيل (١) : (السنة) ، النعاس.
وقيل (٢) : (السنة) ، هى بين النوم واليقظة ، وسمى (وسنان).
وقيل (٣) : (السنة) ، هى ريح تجىء من قبل الرأس ، فتغشى العينين ، فهو (وسنان) بين النائم واليقظان.
ويحتمل قوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) على نفى الغفلة والسهو عنه ؛ إذ لو أخذه ، صار مغلوبا مقهورا ، فيزول عنه وصفه (حى ، قيوم) ، كقوله : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ) [سبأ : ٣]. على نفى الغفلة.
ويحتمل : أنه نفى عن نفسه ذلك ؛ لأن الخلق إنما ينامون وينعسون (٤) طلبا للراحة والمنفعة ـ إما لدفع حزن أو وحشة ـ فأخبر أنه ليس بالذى يحتاج إلى راحة ، وإلى دفع حزن أو وحشة.
وقيل (٥) : لا يفتر ولا ينام.
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ : والنوم والسنة حالان تدلان على غفلة من حلّا به ، وعلى حاجته إلى ما فيه راحته ، وعلى عجزه ، إذ هما يغلبان ويقهران. فوصف الرب نفسه بما يعلو عن الذى دلا عليه من الوجوه.
وقوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
وهو العالى على ذلك ، القاهر له ، لا تأخذه سنة ولا وحشة ، ولا معنى يدل على العجز والحاجة. ولا قوة إلا بالله.
وقوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، أخبر أن ما فى السموات وما فى الأرض ، عبيده وإماؤه ، ليس كما قالوا : (فلان ابن الله) ، و (الملائكة بنات الله) ، بل كلهم عبيده وإماؤه ، والناس لا يتخذون ولدا من عبيدهم وإمائهم ، فالله أحق ألا يتخذ ، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٧٧١ ، ٥٧٧٢) ، وعن قتادة والحسن (٥٧٧٣) ، والضحاك (٥٧٧٤ ، ٥٧٧٥ ، ٥٧٧٦) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٧٩).
(٢) قاله الربيع ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٧٧٨).
(٣) قاله السدى ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٧٧٧) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٧٩).
(٤) فى ط : ويتغشون.
(٥) قاله عطية ، أخرجه ابن أبى حاتم عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٥٧٩).