وقال آخرون (١) : إن قوما من الأنصار كانت ترضع لهم اليهود ، فلما جاء الإسلام أسلم الأنصار ، وبقى من عند اليهود من ولد الأنصار على دينهم ، فأرادوا أن يكرهوهم ، فنزلت الآية (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ).
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ : ويحتمل (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ما قال فى قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج : ٧٨].
وقوله تعالى : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).
يعنى قد تبين الإسلام من الكفر بالله فلا تكرهون على ذلك.
وقوله تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ).
اختلف فيه :
قيل (٢) : (بِالطَّاغُوتِ) ، الشياطين.
وقيل (٣) : كل ما يعبد من دون الله فهو طاغوت من الأصنام والأوثان التى تعبد من دون الله.
وقيل (٤) : (بِالطَّاغُوتِ) ، الكهنة الذين يدعون الناس إلى عبادة غير الله بكفر هؤلاء وتكذيبهم.
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ : ومن جملته : ومن يكفر بالذى يدعو إلى عبادة غير الله ، ويكذبه فى ذلك ، ويؤمن بالذى يدعو إلى عبادة الله ، ويصدقه ، أنه داع إلى حق.
وقوله تعالى : (وَيُؤْمِنْ بِاللهِ).
فيه دلالة : أن الإيمان بالله هو إيمان بالأنبياء والرسل والكتب جميعا ، إذ لم يذكر معه غيره ، والكفر بالذى ذكرت يمنع حقيقة الإيمان بالله ؛ لأنه [فى آخر السورة ذكر (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٥] ، على طريق التفضيل ـ](٥) من آمن بالله آمن به وبأمره ونهيه وشرائعه ـ لكن الذى قال : (لا نُفَرِّقُ
__________________
(١) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٨٢١ ، ٥٨٢٢ ، ٥٨٢٣) ، وعن الحسن (٥٨٢٧) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٨٣).
(٢) قاله عمر بن الخطاب ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٨٣٥ ، ٥٨٣٦) ، وعن مجاهد (٥٨٣٧) ، والشعبى (٥٨٣٨) ، وغيرهم ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٨٣).
(٣) قاله مالك بن أنس ، أخرجه ابن أبى حاتم عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٥٨٣).
(٤) قاله سعيد بن جبير ورفيع وابن جريج ، أخرجه ابن جرير عنهم (٥٨٤٤ ، ٥٨٤٥ ، ٥٨٤٦) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٨٣).
(٥) سقط فى أ ، ب.