وأمّا في النساء والبنين : فلما متّعوا بهم ـ أوجب عليهم النفقة (١) كذلك. وقوله ـ عزوجل ـ (وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) : أوجب في النساء عليهم النفقة ، وكذلك البنين ، وأوجب في الذهب والفضّة حقا (٢) ، ثم ذكر الخيل
__________________
ـ أخرجه الترمذي (٣ / ٤٨) كتاب الزكاة ، باب ما جاء أن في المال حقّا سوى الزكاة ، رقم (٦٥٩) وابن ماجه (١ / ٥٧٠) كتاب الزكاة : باب ما أدى زكاته ليس بكنز ، حديث (١٧٨٩).
قال أبو عيسى : هذا حديث إسناده ليس بالقوى ، وأبو حمزة ميمون الأعور ضعيف ، وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله : «إن في هذا المال حقّا سوى الزكاة» ، وهذا أصح.
(١) النفقة : قال الجوهري في الصحاح : «نفق البيع نفاقا ، بالفتح أي : راج ، والنّفاق بالكسر : فعل المنافق. والنّفاق أيضا. جمع النفقة من الدراهم» ـ ثم قال : «وقد أنفقت الدراهم من النفقة». ا ه.
وقال صاحب القاموس : «النّفقة ، ما تنفقه من الدراهم ونحوها» ، ثم قال : «وأنفق : افتقر ، وأنفق ماله : أنفده ، كاستنفقه». ا ه.
وقال ابن منظور في لسان العرب : «أنفق المال : صرفه ، وفي التنزيل : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)[يس : ٤٧] أي : أنفقوا في سبيل الله وأطعموا ، وتصدقوا. واستنفقه : أذهبه. والنّفقة : ما أنفق والجمع ، نفاق» ـ ثم قال : «وقد أنفقت الدراهم ، من النّفقة» ، والنّفقة : ما أنفقت ، واستنفقت على العيال ، وعلى نفسك». ا ه.
ويستفاد من هذه النصوص ، أن النفقة اسم لما تصرفه من الدراهم أو نحوها على نفسك أو غيرك ، واصطلاحا : عند الحنفية : في «تنوير الأبصار مع شرح الدر المختار» : هي الطعام والكسوة والسكنى ، وعرفا : هي الطعام.
وعند المالكية : في «شرح الخرشي على مختصر خليل» : النفقة مطلقا ما به قوام معتاد حال الآدمي دون سرف.
وعند الشافعية : قال الشرقاوي في حاشيته على «شرح التحرير» : النفقة : طعام مقدر لزوجة وخادمها على زوج ، ولغيرهما من أصل وفرع ، ورقيق ، وحيوان ما يكفيه.
وعند الحنابلة : في «الإقناع والمنتهى» : هي كفاية من يمونه ، خبزا ، وأدما وكسوة ، ومسكنا ، وتوابعها.
ينظر : الصحاح (٤ / ٥٦٠) (نفق) ، والمغرب (٢ / ٣١٩) ، وترتيب القاموس المحيط (٣ / ٢٩٦) (نفق) ، وأنيس الفقهاء للقونوي ص ١٦٨ ، ودرر الحكام لملا خسرو (١ / ٤١٢).
(٢) أجمع الفقهاء على وجوب الزكاة في الذهب والفضة لقوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ ...) [التوبة : ٣٤ ، ٣٥] مع قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقا إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ...» الحديث ، أخرجه مسلم (٢ / ٦٨٠) : كتاب الزكاة : باب إثم مانع الزكاة ، رقم (٩٨٧).
ونصاب الذهب عند الجمهور : عشرون مثقالا ، والمثقال يساوى ٢٥ / ٤ جراما ، وفيه ربع العشر.
ونصاب الفضة مائتي درهم بالإجماع والدرهم ثلاثة جرامات تقريبا وفيه ربع العشر.
ينظر : فتح القدير للكمال بن الهمام (١ / ٥٢٤) ، المبسوط للسرخسي (٢ / ١٩٠) ، حاشية ـ