المسوّمة (١) : إن كان المراد منه جعلها سائمة ؛ لذلك قال أبو حنيفة (٢) [رضي الله عنه](٣) : إنّ فى الخيل صدقة (٤) ، ثم اختلف في المسوّمة ؛ قال بعضهم : هي المسيّبة الراعية (٥).
__________________
ـ الدسوقي مع الشرح الكبير (١ / ٤٥٥) ، شرح المهذب للنووي (٥ / ٤٩٠) ، المغني لابن قدامة (٢ / ٣١٩) ، المحلى لابن حزم (٤ / ١٨٤).
(١) السوم هو إرسال الماشية في الأرض ترعى فيها ، يقال : سامت الماشية وأسامها مالكها ، وسامت تسوم سوما : إذا رعت فهي سائمة.
ينظر : النظم المستعذب لابن بطال (١ / ١٤١).
(٢) هو النعمان بن ثابت الفقيه الإمام بالعراق والكوفة وإمام المذهب الحنفي الأول ، أعلم أهل زمانه ، قال ابن المبارك : ما رأيت في الفقه مثل أبي حنيفة. مات سنة ١٥٠ ه.
تنظر ترجمته في : تهذيب الكمال للمزي (٧ / ٣٣٩) ، تقريب التهذيب لابن حجرت (٧٢٠٣) ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي (٣ / ٩٥) ، سير أعلام النبلاء للذهبي (٦ / ٣٩٠) رقم (١٦٣).
(٣) سقط من ب.
(٤) اختلف الفقهاء في زكاة الخيل على رأيين :
الأول : الخيل التي ليست للتجارة لا زكاة فيها ولو كانت سائمة واتخذت للنماء وسواء كانت عاملة أو غير عاملة ، وهذا رأي جمهور الفقهاء مالك والشافعى وأحمد ومحمد وأبي يوسف صاحبي أبي حنيفة ، ويروى عن عمر وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز. ومما استدل به الجمهور قوله صلىاللهعليهوسلم : «ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة» الحديث أخرجه البخاري (٣ / ٣٨٣) كتاب الزكاة : باب ليس على المسلم في عبده صدقة ، ومسلم (٢ / ٦٧٥) كتاب الزكاة : باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه رقم (٩٨٢).
الثاني : الخيل إذا كانت سائمة ذكورا وإناثا فيها الزكاة ، وذهب إلى هذا الرأي أبو حنيفة وزفر وليس في ذكورها ولا إناثها منفردة زكاة ؛ لأنها لا تتناسل ، وفي رواية أثبت الزكاة في الإناث المنفردات إذ إنها تتناسل بالفحل المستعار ، ورواية أخرى أنها تجب في الذكور المنفردات.
واستدل أصحاب هذا الرأي بقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «هي لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر فأما الذي هي له أجر ، فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها مرج أو روضة ، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج والروضة كانت له حسنات ، فلو أنها قطعت طيلها ذلك ، فاستنت شرفا أو شرفين ، كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقي به كان ذلك له حسنات ، فهي لذلك أجر ، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ، فهي لذلك ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام ، فهي على ذلك وزر».
أخرجه البخاري (٦ / ٧٥) كتاب الجهاد ، باب الخيل ثلاثة ... ، رقم (٢٨٦٠) ، ومسلم (٢ / ٦٨٠) كتاب الزكاة ، باب إثم مانع الزكاة ، رقم (٩٨٧) ، من حديث أبي هريرة.
وانظر تفصيل هذه المسألة في : تبيين الحقائق للزيلعي (١ / ٢٦٥) ، مجمع الأنهر لشيخى زاده (١ / ٢٠٠) ، المنتقى شرح الموطأ للزرقاني (٢ / ١٨٥) ، شرح المهذب (٥ / ٣١١) ، المحلى لابن حزم (٤ / ٣٤) ، قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام (٢ / ١٧١).
(٥) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه عنه الطبري (٦ / ٢٥١ ـ ٢٥٢) رقم (٦٧٢٩) ، وابن أبي حاتم (٢ / ١٢٣) ، رقم (٢٠٣).
وقال بذلك أيضا مجاهد ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، والحسن ، والربيع عند الطبري. ـ