أقرب ، ومن قرأ : ملك يوم الدين» (١) بغير ألف ذهب إلى أن هذا كقوله : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) [الحج : ٥٦] ومن الملك يقال : ملك ؛ لا يقال : مالك ؛ لذلك كان ما ذكر ، والله أعلم.
والمالك ـ على الإطلاق ـ لا يقال إلا [على الله](٢) ؛ وكذلك الرب ـ على الإطلاق ـ لا يقال إلا [على الله](٣) ، وأما العبد فإنه يقرن الشيء إليه ؛ فيقال ربّ الدار ومالكها ، ورب الدابة (٤) ومالكها ، والله أعلم.
وقوله : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) :
قال قائلون : الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصّة.
وقال آخرون : الخطاب بذلك لكل عاقل ؛ وهو كقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] إلى آخر الآية ، ذلك الخطاب لكل أحد لا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصّة.
وقال الشيخ ـ رحمهالله ـ : ليس هو خطاب ؛ ولكنه أمر بالبلاغ ليقوله كل أحد ؛ لأنه لو خوطب به لم يذكر «قل» عند قراءته.
وقوله : (اللهُمَّ) : قال قائلون : «اللهم» : يعني : يا آلهتهم.
وقال آخرون : «الله» ـ على القطع ـ «أمّنا» اقصدنا بالخير (٥) ، والله أعلم.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ في قوله : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) الآية : فكأنه ـ عزوجل ـ امتحن من رغب في الملك ، أو نال حظّا منه ـ أن يصرفوا وجه الرغبة إليه ، أو يروا حقيقة ما نالوه منه ؛ فيوجهون إليه الشكر ، ويخضعون له بالعبادة والطاعة فيما أمرهم به ؛ لينالوا شرفه ويدوم (٦) له عزّه ؛ وذلك كقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [النساء : ١٣٤] ليريهم أن الذي يملك هذا النوع الذي رغبت فيه أنفسكم ، ومنعتكم عن القيام بحقه ـ هو الذي يملك ذلك ؛ فإليه فاصرفوا سعيكم ، وبشكره استديموا ، الذي له اخترتم جل كدحكم ؛ فإنه يملك ذلك دون غيره ؛ وجملة ذلك في قوله : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) [النحل : ٥٣] ومعقول فيما عليه طبع البشر ، وإليه دعاهم عقولهم : أن كل شيء تؤثره أنفسهم ـ كان الذي يحق عليهم طلبه عند من به
__________________
(١) قرأ بها نافع وابن عامر وابن كثير وأبو عمرو وحمزة. راجع المصادر السابقة.
(٢) في ب : لله.
(٣) في ب : لله.
(٤) في ب : الدار.
(٥) قاله الفراء والكوفيون. راجع : تفسير الرازي (٨ / ٤) ، تفسير القرطبي (٤ / ٣٥).
(٦) في ب : أو يدوم.