«والمحرّر» : هو العتيق عن المعاش بالعبادة (١).
وقيل : «المحرّر» هو الذي يعبد الله ـ تعالى ـ خالصا مطيعا ، لا يشغله شيء عن عبادته ، فارغا لذلك ، وهو قول ابن عباس ـ رضي الله عنه (٢).
وقيل : «المحرر» هو الذي يكون لله صافيا (٣).
وقيل : «المحرر» هو من خدم المسجد (٤).
وقوله : (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً)
جعلت ما في بطنها لله خالصا ، لم تطلب منه الاستئناس به ، ولا ما يطمع الناس من أولادهم ، وذلك من الصفوة التي ذكر ـ عزوجل ـ وهكذا الواجب على كل أحد أنه إذا طلب ولدا أن يطلب للوجه الذي طلبت امرأة عمران وزكريّا ، حيث قال : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) [آل عمران : ٣٨] ، وما سأل إبراهيم ـ عليهالسلام ـ : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات : ١٠٠] ، وكقوله : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا ..). الآية [الفرقان : ٧٤] هكذا الواجب أن يطلب الولد لا ما يطلبون من الاستئناس والاستنصار والاستعانة بأمر المعاش بهم.
وقوله : (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
أي : تقبل منى قربانى ، وما جعلت لك خالصا ، إنك أنت السميع لنذري ، العليم بقصدي في التحرير.
وقيل : (السَّمِيعُ) : المجيب لدعائي ، (الْعَلِيمُ) بنيتي (٥).
٣٦
وقوله : (فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى).
ومعنى قولها : (إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) ـ مع علمها أن الله عالم بما في بطنها وبما وضعتها ـ وجهان :
أحدهما : اعتذارا لما لم يكن يحرّر في ذلك الزمان إلى الذكور من الأولاد ؛ فاعتذرت :
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٣٣١) ، (٦٨٦٧) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٢١٤) ، (٤٠١) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٣) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وأخرجه الطبري (٦٨٦٣) عن الشعبي ، ورقم (٦٨٦٨) عن سعيد بن جبير ، ورقم (٦٨٧٥) عن عكرمة ، ورقم (٦٨٧٤) عن الضحاك ، ورقم (٦٨٧٢) عن السدي ، وينظر الدر المنثور (٢ / ٣٣).
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٣) وعزاه إلى ابن المنذر.
(٣) تقدم نحوه عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري (٦ / ٣٣٠) (٦٨٦٠) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٢١٧) (٤٠٨) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٣٣) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
(٥) ينظر اللباب في علوم الكتاب (٥ / ١٧٢).