وقيل : السيد : الذي يطيع ربه ولا يعصيه ، فكذلك كان صلوات الله عليه (١).
وقيل : السيد : الحسن الخلق (٢).
وقيل : السيّد : التقى (٣).
وقيل : اشتق يحيى من أسماء الله ـ تعالى ـ من : «حي» ، والله ـ عزوجل ـ هو الذي سمّاه يحيى ؛ وكذلك عيسى ـ روح الله ـ هو الذي سمّاه مسيحا ؛ بقوله : (يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) [آل عمران : ٤٥] وذلك إكراما لهم وإجلالا ، على ما سمى إبراهيم : خليل الله ، ومحمد : حبيب الله ، وموسى : كليم الله ؛ إكراما لهم وإجلالا ؛ فكذلك الأوّل.
وجائز أن يكون «يحيى» بما حيى به الدّين.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ في قوله : (بِيَحْيى) : قيل : سمّاه به ؛ لما حيى به الدّين والمروءة ، أو حيى به العلم والحكمة ، أو حيى به الأخلاق الفاضلة ، والأفعال المرضية ؛ ولهذا ـ والله أعلم ـ سمي سيّدا ؛ لأن السؤدد (٤) في الخلق يكتسب بهذا النوع من الأحوال (٥).
وسمي مسيحا بما مسح بالبركة ، أو يبارك في كل شيء يمسحه بيده ؛ نحو أن يبرأ به ويحيى ، والله أعلم.
وحقيقة السؤدد أنه يكتسب بالأخلاق الحسنة ، والأفعال المرضية ، وجائز أن يكون ـ عليهالسلام ـ جمعهما فيه ؛ فسمّي به ، والله أعلم.
والأصل في هذا ونحوه : أن الأسماء إن جعلت للمعارف ، ليعلم بها المقصود ـ فالكف عن التكلف في المعنى الذي له سموا له أسلم ، وإن كان في الجملة يختار ما يحسن منه في الأسماع ، دون ما يقبح على المقال ، أو على الرغبة في ذكره على ما يختار
__________________
ـ (٢ / ٢٣٨) (٤٦٩) عن ابن عباس ، وأخرجه الطبري (٦٩٧٤) ، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (ص ـ ٦٠) عن الضحاك ، وينظر تفسير ابن أبي حاتم (٤٦٩ ـ ٤٧٦).
(١) ذكره ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب (٥ / ١٩٨) ونسبه لسعيد بن جبير.
(٢) أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (ص ٦٠) عن الضحاك ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٩) وزاد نسبته إلى أحمد في «الزهد».
(٣) تقدم عن ابن عباس وغيره.
(٤) أصحاب السؤدد : هم أصحاب المجد والشرف.
ينظر : تاج العروس (٨ / ٢٢٥) (سود).
(٥) قال القاسمي : لفظ «يحيى» معرب عن يوحنا اسمه في العبرانية ، ومعنى يوحنا : نعمة الرب.
ينظر : محاسن التأويل (٤ / ٩٥).