وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : «إنّما سمّوا الحواريّين ؛ لبياض ثيابهم» ، وكانوا يصيدون السّمك (١).
وقيل : الحواري : الوزير (٢) ، والناصر (٣) ، والخاص (٤) ؛ على ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لكلّ نبيّ حواريّين ، وحواريّي فلان وفلان» (٥) ، ذكر نفرا من الصحابة ـ [رضوان الله عليهم أجمعين](٦) ـ وإنما أراد ـ والله أعلم ـ الناصر والوزير (٧).
ويحتمل أن يكونوا سمّوا بذلك ؛ لصفاء قلوبهم ، وهم أصفياء عيسى ، [عليهالسلام](٨). كذلك روي عن ابن عباس (٩) ـ رضي الله عنه ـ والله أعلم بهم.
وقوله : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ)
إن الله يتعالى عن أن ينصر ، ولكن يحتمل (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) ، أي : أنصار دين الله ، أو أنصار نبيه ، أو أنصار أوليائه ؛ تعظيما (١٠).
وكذلك قوله : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد : ٧] : إن الله لا ينصر ؛ ولكن ينصر دينه أو رسله أو أولياؤه ؛ وهو كقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) [البقرة : ٩] : إن الله لا يخادع ، ولا يمكر ، ولكن لما خادعوا أولياءه أو دينه ، أضاف ذلك إلى نفسه ؛ فعلى ذلك لما نصروا دين الله ونبيّه ووليّه ، أضاف [ذلك] إلى نفسه.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٤٤٩) (٧١٢٤) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٢٩٠) (٦٢٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٦٢) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٢٩٣) (٦٣٠) وعبد الرزاق كما في «الدر المنثور» (٢ / ٦٣) عن قتادة.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٢٩٢) (٦٢٨) عن سفيان بن عيينة وقد رجح هذا الوجه الحافظ ابن كثير في تفسيره (١ / ٣٦٥).
(٤) ينظر : اللباب في علوم الكتاب (٥ / ٢٦٠) ، وسموا بذلك ؛ لأنهم كانوا خاصة الأنبياء ؛ لنقاء قلوبهم ، قاله قتادة والضحاك.
ينظر : تفسير القرطبي (٤ / ٦٣) ..
(٥) أخرجه البخاري كتاب الجهاد والسير : باب فضل الطليعة حديث (٢٨٤٦) ، وباب سير الرجل وحده بالليل حديث (٢٩٩٧) ، وكتاب المناقب : باب مناقب الزبير حديث (٣٧١٩) ، وكتاب المغازي : باب غزوة الخندق حديث (٤١١٣) ، وأحمد (٣ / ٣١٤) ، والترمذي (٣٧٤٤) ، والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٤٣١) من حديث جابر. مرفوعا «إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير».
(٦) سقط من ب.
(٧) وقيل : الحواري : هو الذي يصلح للخلافة ، وقيل : الخالص ، وقيل : الخليل.
ينظر : فتح الباري (٨ / ٤٤٥).
(٨) سقط من ب.
(٩) أخرجه الطبري (٦ / ٤٥٠) (٧١٢٧) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٢٩٣) (٦٢٩) عن الضحاك. وهو أيضا قول أبي البقاء ، وينظر : اللباب في علوم الكتاب (٥ / ٢٦١).
(١٠) ينظر : «اللباب في علوم الكتاب» (٥ / ٢٦٣) ، وتفسير الرازي (٨ / ٥٧).