رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من حلف على يمين ؛ ليقطع بها مال امرئ مسلم لقى الله ـ تعالى ـ وهو عليه غضبان» (١) وتلا هذه الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ..). الآية.
والعهد والأيمان سواء (٢) ؛ ألا ترى [إلى قوله ـ عزوجل ـ : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ ..). [النحل : ٩١] الآية.
ويحتمل عهد الله : ما قبلوا عن الله](٣) ، وما ألزمهم الله ، والأيمان : ما حلفوا ، والله أعلم.
وقوله : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) :
أي : لا نصيب لهم في الآخرة مما ذكروا أن لهم عند الله من الخيرات والحسنات ؛ كقوله : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [البقرة : ٢١٧].
وقوله : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) :
يحتمل وجهين :
يحتمل : أنه أراد بذلك كلام الملائكة الذين يأتون المؤمنين بالتحية والسلام من ربهم ؛ كقوله : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد : ٢٣ ، ٢٤].
وقوله : (لا تكلمهم) الملائكة ؛ على ما تكلم المؤمنين ، أضاف ذلك إلى نفسه ، على ما ذكرنا فيما تقدم من إضافة النصر إليه على إرادة أوليائه ؛ فكذلك هذا ، أو أن يكون الله ـ عزوجل ـ كان قد كلمهم بتكليم الملائكة إياهم ؛ لأنهم رسله ؛ فكان كقوله : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) [الشورى : ٥١] : صيّره ببعث الرسل كأن قد كلمهم هو ؛ فكذلك الأوّل.
ويحتمل : أن يكون الله ـ عزوجل ـ يكرم المؤمنين في الجنة بكلامه على ما كلم موسى في الدنيا ؛ فلا يكلمهم كما يكلم المؤمنين.
__________________
(١) أخرجه البخاري في (٥ / ٣٠٦ ، ٣٠٧) كتاب المساقاة ، باب : الخصومة في البئر والقضاء فيها برقم (٢٣٥٦ ، ٢٣٥٧) ، ومسلم في صحيحه (١ / ١٢٣) في كتاب الإيمان : باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار برقم (٢٢٢) ، وأحمد في مسنده (١ / ٣٧٧ ، ٤١٦ ، ٤٤٢) ، والترمذي في سننه (٥ / ١١٢) رقم (٣٠١٢) ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وابن ماجه (٤ / ١٥ ، ١٦) كتاب الأحكام ، باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالا ، رقم (٢٣٢٣) ، وعبد الرزاق في مصنفه برقم (٩٥٥٥) ، والحميدي في مسنده (١٢١) ، والطبراني في الكبير (٩٠٢٥).
(٢) فى ب : يكون سواء.
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.