تعالى ـ في القرآن في أهل الكتاب ، فإنما يراد به بنو إسرائيل.
والثاني : ذكره كما ذكرنا من تصديق بعضهم بعضا ، وتبليغ كتب الله إلى قومهم.
وقوله : (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ).
أخذ عليهم الميثاق ؛ ليأخذوا على قومهم المواثيق أن يؤمنوا بمحمّد صلىاللهعليهوسلم إذا خرج وينصروه.
وقوله : (قالَ أَأَقْرَرْتُمْ) :
قال الله ـ تعالى ـ للأنبياء : (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) قيل : هو عهدي (١).
والإصر : قيل : هو العهد (٢).
(قالُوا أَقْرَرْنا)
بالعهد لنؤمنن به ولننصرنه ، وأخذنا على قومنا ليؤمنن به ولينصرنه ، وقال الله ـ تعالى ـ : (فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)
يقول الله ـ تعالى ـ : وأنا على إقراركم بمحمّد صلىاللهعليهوسلم من الشاهدين.
وقيل : قال الله : فاشهدوا أني قد أخذت عليكم بالعهد ، وأنا معكم من الشاهدين أنكم قد أقررتم بالعهد (٣).
يقول الله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ)
العهد والإقرار بنقض العهد ، والرجوع عن الإقرار
(فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
وقوله : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) :
الدين كأنه يتوجه إلى وجوه يرجع إلى اعتقاد المذهب في الأصل ، ويرجع إلى الحكم والخضوع ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة : ٥٠] ، ويرجع إلى الجزاء.
ثم قوله : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) : كأن كلا منهم يبغى دينا هو دين الله ، ويدعي أن
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٣٧) ، برقم (٦٥٢٠) عن ابن عباس ، وبرقم (٦٥١٩) عن الربيع بن أنس ، وابن أبي حاتم في تفسيره (٢ / ٣٧٣) ، برقم (٨٨٤) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٨٥) من طريق العوفي عن ابن عباس ، وأخرج نحوه ابن أبي حاتم برقم (٨٨٥) عن محمد بن إسحاق.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري عن مجاهد (٦ / ١٣٦) ، برقم (٦٥١٣) ، (٦٥١٤) بلفظ : عهدا ، وعن ابن عباس برقم (٦٥١٥) ، وعن السدي برقم (٦٥١٦) ، وعن ابن جريج برقم (٦٥١٧) ، وعن الربيع بن أنس برقم (٦٥١٩) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٣٧٣ ، ٣٧٤) برقم (٨٨٦) ، (٨٨٩).
(٣) قاله بنحوه علي بن أبي طالب ، أخرجه ابن جرير الطبري (٦ / ٥٦١) برقم (٧٣٣٨) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٨٥).