ولفعله فضل فزع في القلوب بوجود ذلك ، ومعلوم أن ذلك بالعواقب لا بنفس الفعل ـ ثبت أنه لا يجب خلود من ليس بكافر فيها حتى يكون ممن أعدّت له ، ولغير أثر وتحذير لا تحقيق ذلك كله ، والله أعلم.
وإن كان التأويل هو الثاني من اتقاء جميع المعاصى ؛ فيكون لذلك بعد عبارتان :
إحداهما : أن قد ظهر أهل الجنة وأهل النار ، وبينهم قوم لم تبلغ بهم الذنوب الشرك ، فيدخلون في الوعيد بالنار المعدة لهم ، ولا اتقوا جميع المعاصي ؛ فيكونون في الوعد المطلق فيمن أعدت له الجنة ؛ فحقه الوقف فيه حتى يظهر ذلك في قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء : ١١٦] ، وفي قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) [الأحقاف : ١٦٤] وقوله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) [التوبة : ١٠٢] الآية ، وغير ذلك من آيات العفو والمغفرة ، وما كان ذلك واجبا في الحكمة ، فيكون القائم به يستحق وصف العدل لا العفو والمغفرة ـ ثبت أن ذلك فيما قد وجب ، أو يكون فيمن يجزيهم جزاءهم ويدخلهم الجنة ؛ إذ أخبر أنه لا يجزي السيئة إلا بمثلها ، وبالتخليد مضاعفة ذلك من وجهين :
أحدهما : أنه عذاب الكفر ، وهذا دونه.
والثاني : منع لذة الحسنة بكليتها ، بل حق ذلك أن يكون كقوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) الآية [الزلزلة : ٧] أن يجزي بالأمرين جميعا ، ولا قوة إلا بالله.
والثاني : أنه قد جاء بمقابل السيئة من الحسنات ، ومقابل كل أنواع من المعاصي من الطاعات ، وقد وعد على الحسنة عشر أمثالها ؛ فمحال أن يقابل مثل الذي دون الشرك من السيئات ـ الشرك في إحباط العمل ، ولا يقابل مثل الذي دون الإيمان الإيمان في إحباط الذنوب ، ويجب له الجنة ، ثم مع ذلك الإيمان الذي لا أرفع منه ، وهو الذي بعثه على الخوف والرجاء وقت الإساءة ، وعلى أنه لو خشي على نفسه كل بلاء ورجا كل نفع في الكفر بربه ـ لم يؤثر ذلك مع ما وعد على الحسنة عشر أمثالها ، ثم يبطل لذة ذلك كله ، ويلزم الخلق القول فيه بالكرم والعفو والرحمة ، ولا قوة إلا بالله.
وقوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ).
ذكر ـ والله أعلم ـ طاعة الرسول ؛ لأن من الناس من لا يرى طاعة الرسول ؛ فأمر ـ عزوجل ـ بطاعة رسوله ـ لئلا يخالفوا أمر الله ولا أمر رسوله ، وأن من أطاع الله ولم ير طاعة رسوله فهو لم يطع الله في الحقيقة.
ويحتمل : (وَأَطِيعُوا اللهَ) في أمره ونهيه ، وأطيعوا الرسول فيما بين في سننه أو دعا أو