عن (١) احتمال التسمية بالكفر على صرف الآية في إعداد النار إلى خصوص (٢) أو عموم (٣) ، فثبت به خروج صاحب الكبائر عن (٤) أهل الاسم الذي أعدّت له النار ، ولم يثبت خروجه عن أهل الاسم الذي له أعدت الجنة ، [فالقول فيه ، وإنما ذلك في الجنة فاسد بأوجه :
أحدها : مع الإشكال فيما يحرم الجنة](٥) والإحاطة بأنّ النار لم يذكر أنها أعدت له أدخل فيها ، فيكون في ذلك إسقاط [شهادة تثبت بيقين بالشك ، وإيجاب شهادة لم تجب بالخيال.
والثاني : أن يكون في ذلك إسقاط](٦) اسم العفو والرحمة ؛ إذ لو لم يجعل لمثله ـ لبطل أن يكون له موضع لما في غيره استحقاق ، والله أعلم.
والثالث : ما فيه إسقاط الموازنة والمقابلة مع مجىء الآيات بالكتب التي تقرأ الموازين التي توزن ؛ مع ما في ذلك مخالفته التوهم بالكريم الذي أمرنا أن نسمّيه بها ؛ مع ما قد جاء من التجاوز عن السيئات والتقبل للحسنات من واحد ، وفي ذلك قلب ذلك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ).
روى عن رسول (٧) الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من كظم غيظا ـ وهو يقدر على إنفاذه ـ ملأه الله أمنا وإيمانا» (٨).
والغيظ متردد بين الحزن والغضب ، والحزن على من فوقه ، والغضب على من دونه ، والغيظ بين ذلك ، مدحهم ـ عزوجل ـ بترديد حزنهم وغيظهم في أجوافهم.
__________________
(١) في ب : على.
(٢) الخصوص : كون اللفظ متبادلا لبعض ما يصلح له لا لجميعه. ويقال : خصوص في كون اللفظ متناولا للواحد المعين الذي لا يصلح إلا له.
راجع : البحر المحيط للزركشي (٣ / ٢٤٠) ، التمهيد للإسنوي (ص ٣٦٨) ، نهاية السول (٢ / ٣٧٤) ، المستصفى (٢ / ٣٢).
(٣) العموم ـ لغة ـ : جمع عام : وهو في اللغة شمول أمر لمتعدد ، سواء كان الأمر لفظا أو غيره.
واصطلاحا : اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له من غير حصر. راجع : البحر المحيط للزركشي (٣ / ٥) ، نهاية السول (٢ / ٣١٢) ، غاية الوصول للشيخ زكريا ص (٦٩).
(٤) في ب : على.
(٥) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٦) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٧) في ب : نبي.
(٨) أخرجه الطبري (٧٨٤٢) من طريق عبد الرزاق قال أخبرنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن رجل من أهل الشام يقال له عبد الجليل عن عمّ له عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم به. وهذا إسناد ضعيف.
لجهالة اثنين من رواته. وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٣٠) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن المنذر.