قيل (١) : هن ستر لكم عما لا يحل ، وأنتم ستر لهن أيضا. يعف الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل.
وقيل (٢) : هن سكن لكم ، وأنتم سكن لهن. يسكن الزوج بالزوجة ، والزوجة بالزوج. وهو كقوله : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) ، [النبأ : ١٠] أى : سكنا ، (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) [غافر : ٦١].
ويحتمل : أن يكون أحدهما لباس الآخر بالليالى. والله أعلم.
وقوله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ).
(تَخْتانُونَ) وتخونون واحد.
قيل (٣) : نزلت الآية فى شأن عمر ، رضى الله تعالى عنه ، وذلك أن الناس إذا صاموا ، ثم نام أحد منهم ، حرم عليهم الطعام والجماع حتى يفطر من الغد ، فواقع عمر ، رضى الله تعالى عنه ، امرأته يوما بعد ما نام أو نامت. فغدا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره بذلك ، فنزل قوله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) ، أى : تظلمون ؛ لأن كل خائن ظالم نفسه ، فتاب الله عليه وعفا عنه ، ثم رخص لهم المباشرة بقوله : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ)
على الرخصة ، هو على الإباحة ، لا على الأمر به.
وقوله : (وَابْتَغُوا).
أى : اتبعوا (٤).
(ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ).
قيل : فيه بوجوه :
قيل (٥) : (ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، من الولد.
وقيل (٦) : (ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، من ليلة القدر ، وما فيه من نزول الرحمة.
__________________
(١) قاله ابن جرير (١ / ١٦٩).
(٢) قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدى ، أخرجه ابن جرير عنهم (٢٩٤٢ ، ٢٩٣٨ ، ٢٩٣٩ ، ٢٩٤٠) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩).
(٣) أخرجه ابن جرير من طرق عن ابن عباس (٢٩٤٨ ، ٢٩٤٩ ، ٢٩٥٠ ، ٢٩٥١) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٣٥٧).
(٤) فى أ : ابتغوا.
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٩٧٨) ، وعن مجاهد (٢٩٧٣ ، ٢٩٧٩ ، ٢٩٨٠) ، والحاكم (٢٩٧٤) ، وعكرمة (٢٩٧٥) ، وغيرهم.
وانظر الدر المنثور (١ / ٣٥٩).
(٦) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٩٨٥ ، ٢٩٨٦) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٣٥٩).