قيل : فيه لغات :
أحدها : «قاتل معه» بالألف ، وتأويله : وكم من نبي قاتل معه ربّيون كثير ، فقتل ؛ على الإضمار.
والثاني : «وكم من نبيّ قتل معه ربّيون كثير» ، برفع القاف.
والثالث : «وكم من نبيّ قتل معه ربيون كثير» بالنصب (١).
ومعنى الآية ـ والله أعلم ـ : كم من نبي قتل معه [ربيون كثير] ، فلم ينقلب أتباعه على أعقابهم ؛ بل كانوا بعد وفاتهم أشدّ اتباعا لهم من حال حياتهم ؛ حتى قالوا : لن يبعث الله من بعده رسولا ؛ فما بالكم يخطر ببالكم الانقلاب على أعقابكم ، إذا أخبرتم أنه قتل نبيكم أو مات؟!.
وفي إنباء هذه الأمة قصص الأمم الخالية وأخبارهم ـ وجهان.
أحدهما : دلالة إثبات رسالة [رسولنا](٢) محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنهم علموا أنه لم يختلف إلى أحد منهم ممن يعلم هذا ، ثم أخبر بذلك ، فكان ما أخبر ؛ فدل أنه علم ذلك بالله.
والثاني : العمل بشرائعهم وسننهم ، إلا ما ظهر نسخه بشريعتنا ؛ ألا ترى أنه ذكر محاسنهم وخيراتهم ؛ وإنما ذكر لنتبعهم في ذلك ونقتدي بهم ، وذكر مساوئهم وما لحقهم بها ؛ لننتهي عنها ونكون على حذر مما أصابهم بذلك ، والله أعلم.
وقوله : (رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) : اختلف فيه ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : «عالم كثير» ، وعنه ـ أيضا ـ : «الجموع الكثير» (٣).
وعن الحسن ـ رحمهالله ـ مثله (٤).
__________________
(١) ذكره ابن جرير في تفسيره (٧ / ٢٦٤) ، والزمخشري في الكشاف (١ / ٤٢٤) ، والرازي في تفسيره (٩ / ٢٢) ، وابن عادل في اللباب (٥ / ٥٨٣ ـ ٥٨٦) ، وقال العلامة القاسمي : قرئ في السبع : «قتل» بالبناء للمجهول ، ونائب الفاعل «ربيون» قطعا ، وأما احتمال أن يكون ضميرا ل «نبي» ومعه «ربيون» حال. أو يكون على معنى التقديم والتأخير ، أي : وكائن من نبي معه ربيون قتل ـ فتكلف ينبو عن سليم الأفهام ، وتعسف يجب تنزيه التنزيل عن أمثاله ، وإن نقله القفال ، ونصره السهيلي وبالغ فيه ؛ فما كل سوداء تمرة.
ينظر : محاسن التأويل (٤ / ٢٤٦).
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٦٦) (٧٩٦١) ، (٧٩٦٢) (٧٩٦٤) ، (٧ / ٢٦٨) (٧٩٧٩) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٥٨٦) (١٥٦٨) (١٥٧١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٤٦ ، ١٤٧) ، وزاد نسبته لابن المنذر وابن الأنباري ، والطستي.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٦٧) (٧٩٦٦) ، (٧٩٦٨) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٥٨٨) (١٥٨٠) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٤٧) ، وزاد نسبته لابن المنذر ، وعبد بن حميد.