وقوله : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ، قيل : الذنوب : هي المعاصي (١).
وقوله : (وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا) : والإسراف : هي المجاوزة في الحدّ ، والتعدّي عن أمره.
وقيل : هما واحد.
وقوله : (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا).
يحتمل وجهين :
يحتمل : ثبتنا على الإيمان ، ودين الإسلام ، والقدم كناية ؛ كقوله : (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) [النحل : ٩٤] ، أي : تكفر بعد الإيمان ، [و] كقوله : (يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ)؛ وذكر القدم لما بالقدم يثبت.
ويحتمل قوله : (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) في قتال العدوّ ، وفزعوا إلى الله ـ عزوجل ـ بعد ذهاب نبيّهم من بينهم ؛ ليحفظهم على ما كان يحفظهم في حياة نبيهم.
وقوله : (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) :
يحتمل : النصر عليهم بالحجج والبراهين. ويحتمل : النصر بالغلبة والهزيمة عليهم (٢).
وقوله : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا) :
يحتمل ثواب الدنيا : الذكر والثناء الحسن ، وهم كذلك اليوم نتبعهم ونقتدي آثارهم وهم موتى.
ويحتمل ـ : على ما قيل ـ : النصر والغنيمة.
وقوله : (وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) :
الدائم ، وذكر في ثواب الآخرة «الحسن» ، ولم يذكر في ثواب الدنيا الحسن ؛ لأن
__________________
(١) ذكره ابن عادل في اللباب (٥ / ٥٩١) ، وبلفظ «خطايانا» أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٧٢) (٧٩٩٢) ، (٧ / ٢٧٢) (٧٩٩١) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٥٩٣) ، (١٥٩٩) عن ابن عباس ، وعن مجاهد أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٧٢) (٧٩٨٧) ، (٧٩٨٨) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٥٩٣) (١٦٠٠) ، وعن الضحاك أخرجه ابن جرير (٧ / ٢٧٢) (٧٩٨٩) ، (٧٩٩٠) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٥٩٥) (١٦٠١).
(٢) قال ابن القيم : لما علم القوم أن العدو إنما يدال عليهم بذنوبهم ، وأن الشيطان إنما يستزلهم ويهزمهم بها ، وأنها نوعان : تقصير في حق ، أو تجاوز لحد. وأن النصر منوط بالطاعة ـ قالوا : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا) [آل عمران : ١٤٧] ، ثم علموا أن ربهم ـ تبارك وتعالى ـ إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم ، لم يقدروا على تثبيت أقدام أنفسهم ونصرها على أعدائهم ؛ فسألوه ما يعلمون أنه بيده دونهم ، وأنه إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم ، لم يثبتوا ولم ينتصروا ، فوفّوا المقامين حقهما : مقام المقتضى : وهو التوحيد والالتجاء إليه سبحانه ، ومقام إزالة المانع من النصرة : وهو الذنوب والإسراف.
ينظر : محاسن التأويل للقاسمي (٤ / ٢٤٧).