تطيعه» (١).
وكان يقال : ما هلك امرؤ عن مشورة ، ولا سعد ثبور ، قيل : الثبور : الذي لا يستشير ويعمل برأيه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) :
أي : لا تتكلن إلى نفسك ، ولا تعتمدن على أحد ؛ ولكن اعتمد على الله وكل الأمر إليه.
وقيل : فإذا فرق [ذلك](٢) الأمر بعد المشاورة فامض لأمرك ، فإن كان في أمر الحرب على ما قيل فهو ـ والله أعلم ـ لا تعجبن بالكثرة ، ولا ترينّ النصر به ، ولكن اعتمد بالنصر على الله ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) [التوبة : ٢٥] ، والله أعلم بما أراد ، بذلك ؛ كقوله : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) [آل عمران : ١٢٦].
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) :
صدق الله من كان الله ناصره ؛ فلا يغلبه العدوّ من بعد.
(وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ)
[أي : يترككم](٣)
(فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ) :
والنصر يحتمل وجهين ، يحتمل : المعونة ، ويحتمل : المنع :
كقوله ـ تعالى ـ : (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) [آل عمران : ٩١]. قوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ) ، أي : أعانكم الله ؛ فلا يغلبكم العدو ، (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) : [فلم يعنكم] ؛ فمن [ذا](٤) الذي أعانكم سواه؟!
ومن المنع ، أي : إن منع الله عنكم العدوّ ، فلا غالب لكم ، (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) ، ولم يعنكم ، فمن الذي يمنعكم من بعده؟!
والخذلان في الحقيقة هو : ترك المأمول منه ما أمّل منه ، واستعمل في هذا كما استعمل الابتلاء على غير حقيقته.
وقوله : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) :
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٦٠) وعزاه لابن مردويه.
(٢) سقط من ب.
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.