وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :
من النصر والهزيمة ، ولكن ما أصابكم إنما أصاب بمعصيتكم ربكم ، وخلافكم رسوله صلىاللهعليهوسلم ، أو أصابكم ؛ محنة منه إياكم.
وقوله : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) :
جمع المؤمنين ، وجمع المشركين.
(فَبِإِذْنِ اللهِ) :
قيل (١) : فبمشيئة الله وإرادته ، وقيل : (فَبِإِذْنِ اللهِ)(٢) : فبتخلية الله إياكم لما لعلهم رأوا النصر والغلبة بالكثرة ، أو بالقوة والعدة ؛ فخلاهم الله بينهم وبين عدوهم ؛ ليعلموا أن أمثالهم مع قلتهم وضعفهم لا ينتصرون من أمثال أولئك مع كثرة عددهم ، وقوّة أبدانهم (٣) ، وعدتهم في سلاحهم ، ولكن بالله ينتصرون منهم ، ويتغلبون عليهم.
وقيل (٤) : (فَبِإِذْنِ اللهِ) : بعلم الله ، أي : يعلم الله ما يصيبكم من خير أو شرّ ، ليس عن سهو وغفلة منه يصيبكم (٥).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) :
كما ذكرنا فيما تقدم ؛ ليعلم ما قد علم أنهم يؤمنون ، ويصبرون على البلايا والقتال مؤمنين صابرين محتسبين ؛ وكذلك ليعلم ما قد علم أنهم ينافقون ، ويصيرون منافقين ، غير صابرين ، ولا محتسبين (٦).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا) :
قوله : (أَوِ ادْفَعُوا) : يحتمل : (أَوِ ادْفَعُوا) ، أي : كثّروا السواد ؛ لأن المشركين إذا
__________________
(١) ذكره الرازي في تفسيره (٩ / ٦٨) ، وابن عادل في تفسيره (٦ / ٣٩).
(٢) ذكره الرازي في تفسيره (٩ / ٦٨) ، وابن عادل (٦ / ٣٩).
(٣) في ب : أمانهم.
(٤) ذكره الرازي (٩ / ٦٨) ، وابن عادل في اللباب (٦ / ٣٩) ،.
(٥) وقيل : إن المراد من الإذن الأمر ؛ بدليل قوله : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) [آل عمران : ١٥٢] ، والمعنى : أنه ـ تعالى ـ لما أمر بالمحاربة ، ثم صارت تلك المحاربة مؤدية إلى ذلك الانهزام ـ صح على سبيل المجاز أن يقال : حصل ذلك بأمره.
وقيل : إن المراد من الإذن : قضاء الله بذلك وحكمه به ، وهو المنقول عن ابن عباس. وهذا أولى ؛ لأن الآية تسلية للمؤمنين مما أصابهم ، والتسلية إنما تحصل إذا قيل : إن ذلك وقع بقضاء الله وقدره ؛ فحينئذ يرضون بما قضى الله. أفاده الرازي في مفاتيح الغيب (٩ / ٦٨).
(٦) والعلم هنا علم عيان ورؤية يتميز به أحد الفريقين عن الآخر تميزا ظاهرا. أفاده القاسمي في محاسن التأويل (٤ / ٢٨٧).