به من بعد ما أصابهم القرح ، أي : الجراحة.
قيل : دعاهم إلى بدر الصغرى بعد ما أصابهم بأحد القروح والجراحات ؛ فأجابوه ، فذلك قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ..). الآية (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ) :
في الإجابة له بعد ما أصابتهم الجراحة ، وشهدوا القتال معه.
(وَاتَّقَوْا) :
الخلاف له ، وترك الإجابة ، ويحتمل : اتقوا النار وعقوبته.
(أَجْرٌ عَظِيمٌ) :
في الجنة وثواب جزيل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ..). الآية : قيل : إن المنافقين قالوا لأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ما انهزم كفار مكة وولوا أدبرهم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ، يخوفونهم ؛ حتى لا يتبعوهم على أثرهم ، فذلك عادتهم لم تزل ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) [التوبة : ٤٧] أي : فسادا.
وقيل : إنه إنما قال ذلك لهم رجل يقال لهم : نعيم بن مسعود (٢) ، ولا (٣) ندري كيف كانت القصة (٤)؟.
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٧٨) ، وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة.
(٢) هو نعيم بن مسعود الأشجعي ، أبو سلمة ، صحابي أسلم يوم الخندق قتل يوم الجمل مع على.
ينظر : الإصابة ترجمة (٨٨٠٤) ، الخلاصة (٣ / ٩٨).
(٣) في ب : لا.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤٠٦) (٨٢٤٣) ، وذكره ابن عادل في اللباب (٦ / ٥٧ ، ٥٨) ، والرازي في تفسيره (٩ / ٨٠ ، ٨١) ، وقال الطبري : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : إن الذي قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه من أن الناس قد جمعوا فاخشوهم ، كان في حال خروج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخروج من خرج معه في أثر أبي سفيان ، ومن كان معه من مشركي قريش منصرفهم عن أحد إلى حمراء الأسد ؛ لأن الله ـ تعالى ذكره ـ إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[آل عمران : ١٧٣] ، لما قيل لهم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) [آل عمران : ١٧٣] بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم بقوله : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) [آل عمران : ١٧٢] ، ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من جرحى أصحابه بأحد إلى حمراء الأسد.
وأما الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصغرى : فإنه لم يكن فيهم جريح إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه وبرأ كلمه. وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما خرج إلى بدر الثانية إليها ، لموعد أبي سفيان الذي كان واعده اللقاء بها بعد سنة من غزوة أحد في شعبان سنة أربع من الهجرة. ا ه.
وقال ابن كثير : والصحيح أن الآية نزلت في شأن غزوة حمراء الأسد. ينظر : تفسيره (١ / ٤٣٠).