يعني : الذين لهم علم بالكتاب ومن غيرهم.
(أَذىً كَثِيراً)
[أي : تسمعون أنتم من هؤلاء أذى كثيرا ، على ما سمع إخوانكم الذين كانوا من قبلكم من أقوامهم أذى كثيرا](١) ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) [آل عمران : ١٨٤].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ تَصْبِرُوا) :
على أذاهم.
(وَتَتَّقُوا) :
مكافأتهم ، على ما صبر أولئك واتقوا مكافأتهم.
(فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) :
قيل : من خير الأمور ؛ هذا يحتمل.
وقيل : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)
من قولهم : عزير ابن الله ، والمسيح ابن الله ، (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) ، يعني : العرب ، (أَذىً كَثِيراً) ، يعني : نصب الحروب فيما بينهم ، والقتال ، والسب وغير ذلك ، (وَإِنْ تَصْبِرُوا) : على ذلك والطاعة له ، (وَتَتَّقُوا) : معاصي الربّ ، (فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) : : ، يعني : من حزم الأمور.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) :
أي : الذين أوتوا العلم بالكتاب ، وأخذ الميثاق ؛ ليبينوا ، أي : يبيّنوا للناس ما في الكتاب من الأمر والنهي ، وما يحل وما يحرم ، وغير ذلك من الأحكام ، ولا يكتموا ذلك.
ويحتمل : أن أخذ عليهم الميثاق : أن بيّنوا للناس بعث محمد صلىاللهعليهوسلم وصفته ، ولا تكتموه بالتحريف وبترك البيان.
وقوله : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ)
أي : لم يعملوا بما فيه ، ولا بينوا للناس ؛ فهو كالمنبوذ وراء ظهورهم.
(وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ..). الآية :
قد ذكرنا معناه في غير موضع (٢).
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) كما في تفسير قوله ـ تعالى ـ : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) الآية ٧٩ من سورة البقرة.