قيل : إن ثبت هذا فهو إذ خرج لوجه أذن [له](١) بالخروج لذلك الوجه فخرج ثم عاد مريضا ، أو شهد جنازة ، وذلك جائز ، ولو كان يؤذن لذلك لكان يؤذن لكل قربة ؛ إذ الجنازة إذا شيعها الكافى سقط فرض التشييع ، فإذا لم يؤذن فى غير هذا ، وهذا مثل ذلك ، أو دونه من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وفى ذلك دليل أن الخبر على ما بينت ، والله أعلم.
وروى عن عائشة ، رضى الله تعالى عنها ، أنها قالت : «إن من السنة ألا يخرج المعتكف من معتكفه» (٢). دل هذا من عائشة ، رضى الله تعالى عنها ، أن خبر على بن أبى طالب ، رضى الله تعالى عنه ، على ما ذكرنا ، إن ثبت.
وفى قوله : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) دليل أن الاعتكاف يكون فى جميع المساجد ؛ لأنه عم المساجد.
وما روى : أن «لا اعتكاف إلا فى المسجد الحرام» (٣) إن ثبت ، فهو على التناسخ ؛ لأن النبى صلىاللهعليهوسلم اعتكف فى مسجد المدينة (٤) ، فدل فعله أنه منسوخ. والله أعلم.
وقوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
قيل (٥) : (تِلْكَ) المباشرة معصية ، (فَلا تَقْرَبُوها) فى الاعتكاف ، فحد الأمر ألا تقربوها.
وقيل : إنه جعل لكل طاعة وأمر ونهى حدّا وغاية ، فلا يجاوز ولا يقصر عنه.
وقيل (٦) : (تِلْكَ) فرائض الله.
__________________
(١) سقط فى ط.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه البيهقى فى السنن الكبرى (٤ / ٣١٦) عن ابن مسعود.
(٤) ورد فى معناه أحاديث منها :
حديث عائشة : أخرجه البخارى (٤ / ٣١٨) كتاب الاعتكاف ، باب الاعتكاف فى العشر الأواخر (٢٠٢٥) ، ومسلم (٢ / ٨٣١) كتاب الاعتكاف ، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (٥ / ١١٧٢).
حديث أبى هريرة وعائشة معا :
أخرجه أحمد (٢ / ٢٨١) ، (٦ / ١٦٩) ، والترمذى (٢ / ١٤٧) كتاب الصوم ، باب ما جاء فى الاعتكاف (٧٩٠).
حديث عبد الله بن عمر :
أخرجه البخارى (٢٠٢٦) ، ومسلم (١ / ١١٧١).
(٥) قاله الضحاك ، أخرجه ابن أبى حاتم عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٣٦٦).
(٦) قاله شهر بن حوشب كما فى تفسير البغوى (١ / ١٥٩).