تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) اختلف أهل العلم فى تأويل ذلك ، فروى عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ فيما يكون الرجل به محصرا أنه قال : فإذا أمنتم من الخوف أو المرض فمن تمتع بالعمرة أى اعتمر فى أشهر الحج ، كأنه يقول : إن عليه لإحلاله بغير الطواف عمرة ، فإن أخرها حتى يقضيها مع الحج فى أشهره فعليه لجمعه بينهما دم ، وروى عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ قال فى رجل أهل بعمرة وأحصر : يبعث بهديه ، فإذا بلغ الهدى محله حل ، فإن اعتمر من وجهه ذلك إذا برأ فليس عليه هدى ، وإن اعتمر من قابل بعد حج فليس عليه هدى ، فإن وصلها من قابل بعد حج فعليه هدى ، والحاج إذا أحصر فإنه يبعث بهدى ، فإذا بلع محله حل ، وإن اعتمر من وجهه ذلك إذا برأ فإنه يحج من قابل وليس عليه هدى ، وإن لم يزر البيت حتى يحج وجعلها سفرا واحدا كان عليه هدى آخر ، سفران وهدى أو هديان وسفر.
وقال قوم : عليه حج واحد.
وروى عن ابن عباس ـ رضى الله تعالى عنه ـ قال : أمر الله بالقصاص فيأخذ منكم العدد ، أى حجة بحجة وعمرة بعمرة.
وروى فى خبر عمر ، رضى الله تعالى عنه ، عن النبى صلىاللهعليهوسلم لما قال : «فقد حل وعليه الحج من قابل» (١) ، هذا يدل على قول ابن عباس ، رضى الله تعالى عنه ، لأنه قال : «وعليه الحج من قابل» (٢) ، ولم يذكر عمرة.
إلا أنه قد يجوز أن يكون عليه العمرة وإن لم تذكر فى الحديث ، كما أن الدم عليه واجب وإن لم يذكر فى الحديث ، فعلى ذلك العمرة يجوز وجوبها وإن لم تذكر. أما إيجابهم العمرة لفسخ الحج بغير طواف وحجة مكان حجته : فإن كان التأويل فى قوله : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ) أى : بالعمرة التى لزمته بإحلاله كما قال ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير ـ رضى الله عنهم ـ فكفى به حجة ، وإن كان تأويل الآية غير ذلك فإنا وجدنا من يفوته الحج يلزمه أن يطوف بالبيت ثم يجب بعد ذلك قضاء الحج فأوجبوا على المحصر عمرة مكان الطواف الذى يجب على من يفوته الحج وأوجبوا الحج لما دخل فيه.
فإن قيل يجب أن تسقط عنه العمرة التى يجب على من يفوته الحج لأن الذى يفوته الحج لا يحل منه بدم وإنما يحل بالطواف ، والمحصر قد حل بالدم فقام الدم الذى لزمه يحل به مقام الطواف الذى يفوته الحج.
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.