صلىاللهعليهوسلم : «الحج عرفة ، من أدرك عرفة بليل ، وصلى معنا بجمع ، فقد تم حجه» (١).
ويحتمل فى قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ، معنى آخر : وهو أنهم رأوا غيرهم من أهل الآفاق فإذا قصدوا على الإحرام من وراء الحرم ، وهم أمروا بالإحرام [فى الحرم](٢) ، فلما خصوهم بذلك ظنوا أن قضاء غيره من المناسك فى الحرم. والله أعلم.
قال الشيخ أبو منصور ـ رحمة الله تعالى عليه ـ : أمر بالإفاضة بحرف «ثم» ، بعد ذكر المزدلفة (٣) والإفاضة من عرفات بتقديم المزدلفة ، فبان أن حرف «ثم» مما قد يبتدأ به أيضا.
وقوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً).
قيل فيه بوجهين :
قيل (٤) : إنهم فى الجاهلية كانوا إذا قضوا المناسك يجتمعون فى مكان ويذكرون آباءهم ومناقبهم ويفتخرون بذلك ، فلما أن أسلموا أمرهم أن يذكروا ربهم فى الإسلام كذكرهم آباءهم فى الجاهلية أو أشد ذكرا ، فإنه أولى بذلك من الآباء.
وقيل : أن يكونوا يذكرون آباءهم ـ ما أنعم عليهم وأحسن إليهم ـ فقال : اذكروا لى
__________________
ـ عليه.
وأما المالكية فزمان الركن عندهم هو الوقوف ليلا ، أما نهارا فواجب. وأما الشافعية : فالمعتمد عندهم أن الجمع بين الليل والنهار بعرفة سنة ليس واجبا ، لكن يستحب له بتركه الفداء استحبابا ، وفى أى وقت وقف بعرفة من بعد الزوال إلى فجر يوم النحر أجزأه.
ينظر : المسلك المتقسط ص (٥١ ، ٥٢ ، ١٢٩ ـ ١٣٩) ، شرح الزرقانى (٢ / ٢٦٩) ، شرح الرسالة وحاشية العدوى (١ / ٤٧٥) ، شرح المنهاج (٢ / ١١٤) ، نهاية المحتاج (٢ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣) ، مغنى المحتاج (١ / ٤٩٦ ـ ٤٩٨) ، المغنى (٣ / ٤١٤ ـ ٤١٦).
(١) تقدم تخريجه.
(٢) سقط فى ط.
(٣) يسن للحاج أن يبيت بالمزدلفة ليلة عيد النحر ، ويمكث بها حتى يطلع الفجر ، ثم يقف للدعاء ويمكث فيها حتى يسفر جدا ، ثم يدفع إلى منى ، فهذا سنة عند الحنفية والشافعية ، مندوب عند المالكية ، مستحب عند الحنابلة. وذلك لفعله صلىاللهعليهوسلم ، قال جابر : «حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ...».
ينظر : المسلك المتقسط ص (٥١ ، ٥٢) ، المجموع (٨ / ١٢٩) ، الشرح الكبير (٢ / ٤٤) ، المغنى (٣ / ٤٢٣).
(٤) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٨٥٦ ، ٣٨٥٧) ، وعن قتادة (٣٨٥٨ ، ٣٨٥٩) ، وأخرجه وكيع وعبد بن حميد عن عطاء كما فى الدر المنثور (١ / ٤١٧).