فيما تذكرون آباءكم مكان آبائكم [فإنى أنا](١) الذى أنعمت عليكم [وعلى آبائكم](٢) ، فاجعلوا ذلك لى دون آبائكم.
وقوله : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ).
[وقوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ)
وقوله : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ)](٣).
وقوله : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ..). الآية فى قوم لا يؤمنون بالبعث والإحياء بعد الموت ، [طلبوا](٤) خيرات الدنيا ، ولم يطلبوا الخيرات فى الآخرة ، فأعطوا ما سألوا من حسنات الدنيا ، وهو كقوله : (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) [الشورى : ٢٠] ، فأعطوا ما سألوا من نصيب ؛ (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) [الشورى : ٢٠] ، أى يؤتى حرث الدنيا والآخرة ، فمن كان ركونهم إلى الدنيا وميلهم إليها لم يركنوا إلى دعاء غيرها ، وأما من آمن بالبعث والإحياء بعد الموت فإنهم سألوا خيرات الدنيا والآخرة جميعا بقوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) ، طلبوا حسنات الدنيا ؛ لأن الدنيا جعلها محل الزاد للآخرة ، لأنه جعلها لهم ، إنما خلقهم للآخرة ؛ كقوله : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) [البقرة : ١٩٧].
ثم اختلف فى (حَسَنَةً) فى الدنيا ، و (حَسَنَةً) فى الآخرة :
قيل (٥) : حسنة الدنيا : العلم والعبادة ، وحسنة الآخرة : الجنة والمغفرة.
وقيل (٦) : حسنة الدنيا : النصر والرزق ، وحسنة الآخرة : الرحمة والرضوان. وكله واحد.
وروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «إن لله عبادا يحيون فى عافية ، ويموتون فى عافية ، ويدخلون الجنة فى عافية. قيل : يا رسول الله ، بم؟ قال : بكثرة قولهم : (رَبَّنا
__________________
(١) سقط فى أ ، ط.
(٢) سقط فى ط.
(٣) ما بين المعقوفين سقط فى أ.
(٤) سقط فى ط.
(٥) قاله الحسن ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٨٨١ ، ٣٨٨٢ ، ٣٨٨٣) ، وابن أبى شيبة وعبد بن حميد والذهبى فى فضل العلم والبيهقى فى شعب الإيمان كما فى الدر المنثور (١ / ٤١٩).
(٦) قاله سفيان الثورى بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٨٨٤).