آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ).(١)
وقوله : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ)
قيل فيه بوجوه :
قيل : فيه تقديم وتأخير ، كأنه قال : حسابه سريع.
وقيل (٢) : (سَرِيعُ) ، كما أن الإبطاء فى الحساب يكون للتفكر فيه والاستذكار وحفظ عقد الأصابع أو لشغل شغله ، فالله ـ تعالى ـ يتعالى عن ذلك أن يوصف به أو يشغله شىء.
وقيل : (سَرِيعُ) ، أى قريب ، كأن قد جاء ، كقوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر : ١] ، وكقوله : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) [الأنبياء : ٩٧] ، وكقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] ، أى قرب.
وقيل : كناية عن عذاب شديد ، أى شديد العقاب والعذاب ، [وهو كقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١]](٣) وهو كقوله صلىاللهعليهوسلم : «من نوقش الحساب عذب» (٤).
وقوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ).
قيل : إنه يحتمل وجهين :
قيل : إنه أراد بالأيام المعدودات أيام النحر والذبح ، أى : اذكروا الله بالنحر والذبح فى أيامكم. فهو عند أبى حنفية ، رحمهالله تعالى ، يوم النحر ويومان بعده.
وقيل (٥) : أراد بالأيام المعدودات أيام رمى الجمار ، دليله قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، وهى أيام التشريق ، وهى ثلاثة أيام بعد النحر.
وروى عن على (٦) ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال : «الأيام المعدودات : يوم النحر ويومان بعده ، اذبح فى أيها شئت ، وأفضلها أولها».
__________________
(١) أخرجه الطبرانى فى الأوسط عن ابن مسعود بدون ذكر الآية كما فى كنز العمال (١١٢٤٧).
(٢) قاله ابن جرير (٢ / ٣١٤) ، والبغوى (١ / ١٧٨).
(٣) سقط فى ط.
(٤) أخرجه البخارى (١٣ / ٢١٥) ، كتاب الرقاق باب من نوقش الحساب عذّب (٦٥٣٦) ، ومسلم (٤ / ٢٢٠٥) ، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٧٩ / ٢٨٧٦) (٦ / ٤٧ ، ١٠٨ ، ٩١ ، ١٢٧) ، وأبو داود (٢ / ٢٠١) كتاب الجنائز باب عيادة النساء (٣٠٩٣) ، والترمذى (٤ / ٢٢٣) كتاب صفة القيامة (٢٤٢٦).
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه من (٣٨٨٩) إلى (٣٨٩٥) ، وعن عطاء (٣٨٩٦ ، ٣٨٩٧) ، ومجاهد (٣٨٩٨ ، ٣٨٩٩ ، ٣٩٠٠ ، ٣٩٠١) ، وغيرهم.
(٦) أخرجه عبد بن حميد وابن أبى الدنيا وابن أبى حاتم كما فى الدر المنثور (١ / ٤٢٠).