فتحرق كل شيء حتى لا تبقى لهم ثوبا ولا بناء ولا خشبا ولا غيره إلا أحرقته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً).
اختلف في قوله : (كَذلِكَ) :
قال بعضهم : قوله : (كَذلِكَ) ، أي : كذلك أخبرنا رسول الله من نبأ ذي القرنين ، وخبره على ما كان.
وقال بعضهم : كذلك أعطينا له من السبب حتى بلغ مطلع الشمس كما بلغ مغربها بالسبب الذي ذكر.
وقال بعضهم : كذلك قيل له في المطلع من قوله : (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) ، كما قيل له في المغرب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً).
قال بعضهم : [هو] صلة قوله : (قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) ، (وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) ، أي : عن علم سأتلو عليكم.
وقال بعضهم : هو على الابتداء ، ليس على الربط والصّلة على الأول ، أي : قد أحطنا علمنا بما لديه.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً).
ما ذكرنا في بلوغه مغربها ومطلعها ، أي : أعطينا له من السّبب حتى بلغ بين السدّين في بعض القراءات (السَّدَّيْنِ) بالنصب ، فإن كان بين اللغتين فرق ؛ فيشبه أن يكون (السَّدَّيْنِ) بالرفع : الجبلين اللذين كانا هنالك ، و (السَّدَّيْنِ) بالنصب : هو بناء ذي القرنين ، وإن لم يحتمل الفرق ـ فهو ما بنى هو أو مكان في الخليقة (١).
ثم اختلف في ذلك السدّ.
قال بعضهم : هو المنفذ الذي كان بين طرفي الجبل الذي كان محيطا بالأرض ، يدخل فيه يأجوج ومأجوج إلى هذه الأرض ؛ فسد ذو القرنين ذلك المنفذ.
وقال بعضهم : لا ؛ ولكن كانا جبلين : أحدهما : ستر بين يأجوج ، والثاني : بين مأجوج ؛ فسدّ ذلك ، والله أعلم كيف كان؟
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً).
قال الحسن : كانوا يفقهون ما به صلاح معاشهم ، وما به بقاؤهم ، ولكن كانوا لا يفقهون الهدى من الضلال ، والخير من الشرّ ، ونحوه.
__________________
(١) في أ : مكانا في الحلقة.