بوفاء كل حق ظهر له وتجلى ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) قد ذكرناه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) ، أي : [يأمر] قومه بالصلاة والزكاة ، وإن كانت الصلاة هي الصلاة المعروفة والزكاة المعروفة ، ففيه أنهما كانتا في الأمم الماضية ، وإن كان الدعاء والثناء وما به تزكو الأنفس وتصلح ، فهو على جميع الخلائق ، ذلك والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) ظاهر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ) هو ما ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) قد ذكرناه أيضا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) قال الحسن (١) : «رفعناه» ، أي : نرفعه في الجنة.
وقال أهل التأويل (٢) : رفعه إلى السماء الرابعة ، فهو ميت فيها ، وكلام نحو هذا.
ولكن عندنا : يشبه أن يكون رفعه إياه في المنزلة والقدر والرفعة عند الله وعند الناس جميعا ، على ما ذكرنا في قوله : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) [مريم : ٥٠].
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ، أي : بالنبوة أو الرحمة التي ذكر فيما تقدم ، والرحمة : هي النعمة ؛ فهذا يرد قول أهل الاعتزال ؛ لأنهم يقولون : لا يخص الله أحدا بالنبوة أو بشيء من الإفضال إلا من يستحق ذلك ويستوجبه ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ أن ذلك منه إنعام وإفضال عليهم.
(مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا) :
الأنبياء كانوا من ذرية آدم ، ومن ذرية من حمل مع نوح ، ومن ذرية إبراهيم أيضا ، ومن ذرية إسرائيل ـ أي : يعقوب ـ ومن ذرّية من هداه للتوحيد واجتباه للرسالة والنبوة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) :
قال بعض أهل التأويل : هذا في مؤمنى أهل الكتاب : عبد الله بن سلام وأصحابه إذا
__________________
(١) وهو قول البغوي (٣ / ١٩٩).
(٢) قاله كعب الأحبار أخرجه ابن جرير (٢٣٧٦٨) عن ابن عباس عنه ، وهو قول أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك ومجاهد وغيرهم.