وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) :
يحتمل : تبليغ الرسالة إليهم ، والقيام بها ، أو سأله التيسير بجميع ما أمره به ونهاه عنه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي) :
يحتمل ما ذكرنا أنه إذا اشتد به الغضب يحبس لسانه ويثقل حتى يمنعه عن النطق به ؛ فيظن ذلك اللعين أنه لخوف صار كذلك.
أو أن يكون سأل ذلك لآفة كانت بلسانه ما كان يمنعه عن التكلم به ، فسأله أن يحل تلك الآفة والرتوتة التي كانت به.
وأمّا قول أهل التأويل (١) : إنه أخذ بلحية فرعون ، فلطمه ، فأراد أن يعاقبه ، فقالت له امرأته : إن فعل ذلك ، فإنه لا يعقل. فأتى بطشت من جمر وطشت من حلو ، فهم أن يتناول من الحلو ، فأهوى جبريل بيده إلى الجمر ، فأخذه وجعله في فيه ، فتلك الرتوتة التي سأله أن يحلها لذلك ، لكن ذلك لا يعلم إلا بالوحي عن الله أنه كذلك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي) سأل ربّه أن يجعل أخاه معه وزيرا له ويشاوره ؛ ليتحمل عنه بعض ما حمل عليه من الأثقال ؛ إذ قيل : الوزير : هو الذي يتحمل عن الملك بعض ثقل ما حمل (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) :
قال بعضهم (٣) : (أَزْرِي) ظهرى.
وقال بعضهم : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) أي : عوني ، وكذلك ذكر في حرف حفصة.
وقرأ بعضهم : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) على الخبر من موسى ، وكذلك في قوله : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) ، وأمّا قراءة عامة القراء فهي على الدعاء والسؤال.
وقال أبو عوسجة : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) ، أي : ظهري ، ويقال : آزرته : أعنته ، ويقال : توازروا : أي : تعاونوا ، واستوزرته : أي : استعنت به ، ومن هذا أخذ الوزير.
وقال القتبي (٤) : (أَزْرِي) : ظهري ، ويقال : آزرت فلانا على الأمر ، أي : قويته عليه ، فأمّا وازرته : فصرت له وزيرا ، وأصل
الوزارة من الوزر : وهو الحمل ، كأنّ الوزير يتحمل عن السلطان بعض الثقل ويرفع عنه.
__________________
(١) قاله سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير (٢٤١٠٨) وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٤ / ٥٢٨) وهو قول ابن أبي نجيح ومجاهد والسدي.
(٢) ينظر : اللباب (١٣ / ٢٢٩ ، ٢٣٠).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٤١١٣).
(٤) انظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٧٨).