وقال القتبي (١) : (لا تَخافُ دَرَكاً) أي : لحاقا.
وقوله : (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) أي : لحقهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ).
هذا خبر يخبر عما أنعم عليهم ومن على أوائلهم وآبائهم من حضر رسول الله ، يذكر هؤلاء بما أنعم ومنّ على أولئك ، وإلا لم يكن هؤلاء يومئذ ، وفيه تذكير النعم والمنن على الصحابة في أواخر أمورهم ؛ لأنه أمنهم في آخر أمرهم من عدوهم وأيأسهم عن عود هؤلاء إلى دينهم.
وفيه تذكير لنا فيما أنعم علينا ومنّ في أوائل أمورنا وآخرها ، ليس التذكير لبني إسرائيل خاصة ، ولكن لكل من أنعم عليه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ).
لسنا ندرى أن الأيمن هو اسم ذلك الجبل ، أو سماه الأيمن ؛ ليمنه وبركته ، وقال ـ عزوجل ـ في آية أخرى : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ) [القصص : ٣٠].
أو سماه الأيمن من يمين موسى عليهالسلام.
فإن كان هو من اليمن والبركة فهو كذلك ؛ لأنه به كان بدء وحى موسى عليهالسلام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى).
يذكر هؤلاء ما وسع على أوائلهم من الرزق وأخصهم ؛ ليستأدى بذلك الشكر على ما أنعم عليهم ، وذلك تذكير لنا ولمن وسع عليه ذلك ؛ إذ لم يزل علينا يوسع الرزق من أول عمرنا إلى آخره.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).
أي : قلنا لهم : كلوا من طيبات ما رزقناكم.
ثم يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون قوله : (طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي : من حلالات ما رزقناكم ، فإن كان على هذا ففيه دلالة أنه يرزق ما ليس بحلال.
والثاني : (مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي : ما تطيب به أنفسكم ، ففيه دلالة أنه يجوز لنا أن نختار من الأطعمة ما هو أطيب إن كان على ما تستطيب به الأنفس.
وقوله تعالى : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ).
الطغيان : هو المجاوزة عن الحدود التي جعلت ، أي : لا تطغوا فيما رزقكم من
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٢٨١).