مثله ظاهرة وفي الرسالة لا ؛ لذلك افترقا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً).
والأسف : هو النهاية في الغضب ، والنهاية في الحزن ، وهكذا جبل الله رسله وأنشأهم على نهاية الغضب لله والأسف له عند معاينتهم الخلاف لله والتكذيب له ؛ كقوله : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ...) الآية [الشعراء : ٣] ، وقوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) [فاطر : ٨] ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً).
على تأويل الحسن : وعدا حسنا ، هو الثواب الذي وعد لهم بالدين والسبيل.
(قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) ، أي : على ديني وسبيلي.
وقال بعضهم (١) : (وَعْداً حَسَناً) أي : عدلا وصدقا ؛ حيث وعد لهم أنه يرجع إليهم عند رأس أربعين أو ثلاثين ليلة ، على ما ذكر ـ عزوجل ـ : (أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) على تأويل الحسن : أفطال عليكم عهد ما وعد لكم من دون الثواب والجزاء على دينه وسبيله حتى نسيتم ذلك.
وعلى تأويل من قال : إن الوعد هو ما وعد أنه يرجع إليهم على رأس كذا يقول : أفطال عليكم ومضى وعدي حتى فعلتم ما فعلتم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ).
أي : أم تعمدتم الخلاف فيحل عليكم غضب من ربكم.
(فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) يحتمل الموعد الوجهين اللذين ذكرناهما فيما مضى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا) برفع الميم وكسره : فمن قرأه (بِمَلْكِنا) برفع الميم ، أي : بسلطاننا وطاقتنا ، أي : لم نفعل بسلطاننا وطاقتنا.
ومن قرأه : (بِمَلْكِنا) بكسر الميم [أي] : بما ملكت أيدينا.
وقال الكسائي : من قرأ (بِمَلْكِنا) ، معناه : بسلطاننا ، ومن قرأه : (بِمَلْكِنا) بكسر الميم ونصبه معناهما : وهو ما ملكت أيدينا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ).
قيل : أثقالا من زينة القوم ، أي : من حلى القبط.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَقَذَفْناها) ، أي : قذفنا ما حملنا من حليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ).
أي : كذلك قذف ما حمل السامري من حليهم.
__________________
(١) قاله البغوي (٣ / ٢٢٧).